محمية الريم الطبيعية في قطر هي منطقة محمية ومأهولة تقع في الجزء الشمالي الغربي من البلاد. يمكن الوصول إليها بسهولة من الطرق الرئيسية، وهي تبعد أقل من 50 ميلًا عن الدوحة، مما يجعلها وجهة جذابة لمن يرغبون في الاستمتاع بجمال الطبيعة دون الحاجة إلى تنظيم رِحْلات كبرى. يحمل هذا المشروع العديد من الدروس المهمة للأشخاص المهتمين بالبيئة.
يمكن أن يساعد فهم المراحل المختلفة للمشروع في تحديد ما يجب مراعاته عند قياس النجاح وتحديد الأولويات.
التعاون أساس النجاح
تم إنشاء محمية الريم رسميًا في عام 2005. ونظرًا لأن الأرض تمتد عبر ثلاث سلطات قضائية، كان التعاون بين عدة جهات أمرًا ضروريًا في جميع المراحل. وفي عام 2007، صن صنفتها اليونيسكو محمية محيط حيوي، وكانت آنذاك المنطقة المحمية الوحيدة في قطر. ونظرًا لأن هذا المشروع حوالي 10% من إجمالي مساحة قطر، فإنه يتطلب تعاونًا كبيرًا ومستمرًا.
يجب على المهنيين العاملين في مجال الاستدامة، وشركات التطوير، والجهات التجارية الأخرى أن يحققوا أهداف الحفظ من خلال العمل بما يخدم مصلحة الحيوانات المهددة بالانقراض والمهددة بالخطر. يمكنهم ذلك من خلال تحديد ضوابط للأنشطة المسموح بها. فعلى سبيل المثال، يمكن للناس زيارة المحمية لممارسة الصيد بالصقور، ولكن يُسمح بذلك فقط خلال فترة محددة ولفئة محددة من الصيادين المرخصين.سواء كان الزائر سائحًا أو مشغلًا سياحيًا، يجب على الجميع احترام الأرض والالتزام بالقوا
المفروضة. وبعد عقد من تصنيف اليونسكو لمحمية الريم، تعاونت المنظمة مع السلطات الحكومية لتنفيذ برنامج توعوي بيئي. تضمنت المرحلة الأولى من المبادرة المكونة من جزئين تنظيم جولات تعليمية مجانية للعامة. أما المرحلة الثانية فقد مكنت طلاب المدارس من زيارة المحمية والمشاركة في أنشطة علمية. كما تم تنظيم مسابقة لتشجيع الناس على تحضير وجبات غداء تحتوي على أقل قدر ممكن من البلاستيك.
تُعد هذه الجهود المتاحة والموجهة ضرورية لمساعدة الناس على فهم كيفية الاستمتاع بالمحمية الطبيعية وحمايتها من خلال تصرفات مدروسة وحب للاستكشاف. وعلى الرغم من أهمية العمل المهني في المناطق المحمية، إلا أن الجميع يمكنهم المساهمة.
المخططون بحاجة لفهم دقيق للتضاريس
يجب على المعنيين بالمحميات الطبيعية أو المشاريع المماثلة دراسة أفضل الطرق للحفاظ على الأرض بما يدعم النباتات والحيوانات الحالية والمستقبلية، مع مراعاة متى يجب التدخل بالوسائل البشرية ومتى يُفضل ترك الأمور للطبيعة.
تمتد محمية الريم على مساحة تزيد عن 445 ميلاً مربعًا، وتتميز بتضاريس متنوعة حسب الموقع. فعلى سبيل المثال، تحتوي شبه جزيرة زكريت على مرتفعات أكثر انحدارًا مقارنةً بالمناطق الأخرى، كما توجد مناطق ساحلية تحتوي على طين مالح ومستنقعات. وفي المناطق الداخلية، توجد سهول صخرية ومرتفعات متنوعة.
بالإضافة إلى ذلك، تم تسوية بعض المناطق المسطحة في المحمية لجعلها صالحة للزراعة. وتدعم هذه الأنشطة الاقتصادية المهمة سلسلة الغذاء، حيث يُزرع فيها التمر، والحبوب، والخضروات، والفواكه. وتستخدم الحيوانات مثل الماعز والجِمال بعض الأراضي كمراعي. سواء كانت هذه الحيوانات أليفة أو برية، فإن الجهات المختصة تتحكم في التفاصيل. فعلى سبيل المثال، لا يُسمح للجمال بالرعي إلا داخل حظائر.
وقد تتطلب العوامل الطبيعية مثل الطقس، أو الأنشطة البشرية، أو تحركات الحيوانات، حلولاً مبتكرة مثل استخدام “مسامير التربة” لتعزيز استقرار الأرض وزيادة تماسكها. يتم إدخال هذه الأدوات في ثقوب محفورة مسبقًا لتوزيع وزن التربة وتخفيف الضغط على المناطق غير المستقرة.
إن تنوع تضاريس المحمية يُعلم المهتمين بالتنوع البيولوجي وحفظ البيئة أهمية فحص العوامل البيئية بعناية ودمجها في اتخاذ القرارات المستقبلية.
الجهات المسؤولة يجب أن تدير النمو بعناية
شهدت قطر نموًا اقتصاديًا لعدة أسباب، وقد تستمر هذه العوامل في دعم النمو في السنوات القادمة. فعلى سبيل المثال، استثمرت الدولة في البنية التحتية للغاز الطبيعي المُسال ودعمت العديد من المشاريع التي تسمح بتصدير هذا المورد. كما استضافت قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، ما أسفر عن إنشاء صندوق إرث بملايين الدولارات لتعزيز التنمية المستدامة.
وأكد إنشاء محمية الريم التزام البلاد بحماية الحياة البرية والأراضي الطبيعية. ومع ذلك، يجب على الجهات المختصة الحفاظ على هذا الزخم من خلال استكشاف طرق عملية لتحقيق النمو الذكي. ويساعد التنفيذ الناجح المخططين الحضريين وغيرهم من أصحاب المصلحة على تحقيق الكفاءة الاقتصادية مع الحفاظ على الأهداف البيئية.
Climate change and human intervention is threatening many wildlife species in the Middle East
وتقدم الولايات المتحدة العديد من الأمثلة التي يمكن الاستفادة منها. ففي مدينة غونزاليس بولاية لويزيانا، ركزت السلطات على كهربة شبكة النقل من خلال تنظيم ورشة عمل لتعزيز مشاركة المجتمع وأصحاب المصلحة بهدف تقليل البصمة الكربونية للمدينة. كما كشفت المدينة عن خطة لتعزيز المرونة المناخية تهدف إلى تقليص الانبعاثات بنسبة 50% بحلول عام 2050. يوضح هذا المثال كيف يمكن للأطراف المعنية السماح بالنمو المتوقع مع تقليل الآثار السلبية.
وقد تتم بعض أنشطة إدارة النمو على نطاق أصغر، مثل التواصل مع أصحاب المشاريع القريبة من محمية الريم. فمثلاً، إذا خطط مستثمر لافتتاح فندق بالقرب من حدود المحمية، فقد يجذب ذلك المزيد من الزوار الراغبين في استكشاف المنطقة، وهو أمر إيجابي طالما التزموا بالسلوك المسؤول. ويمكن لموظفي قطاع الضيافة أن يكونوا مؤثرين في تعزيز القيم البيئية. وبالمثل، يجب إجراء حوارات مع المزارعين الراغبين في توسيع مناطقهم الزراعية.
الوعي والاستباقية يعززان الاستدامة
من المحتمل أن تبدو الدروس المستخلصة من محمية الريم مألوفة لأولئك الذين شاركوا في مشاريع بيئية محلية تطلبت التعاون بين أطراف متعددة. ويرجع ذلك إلى أن هذه الدروس تنطبق أيضًا على المشاريع الأصغر التي تهدف إلى حماية الكوكب وتشجيع الناس على القيام بدورهم.
ويجب على صانعي القرار أن يكونوا على دراية بالتشابك بين النظم البيئية المحلية، وكيف تؤثر الأنشطة البشرية عليها. وكما أظهرت الأمثلة أعلاه، فإن حماية الحياة البرية المهددة لا تعني بالضرورة منع الناس من الاقتراب من موائلها. يمكن للبشر أن يعيشوا بتناغم مع الحيوانات. ومع ذلك، قد يتطلب الأمر وضع سياسات صارمة وتحديثها بانتظام لتحقيق توازن واقعي ومفيد للطرفين.
ترجمة: عبدالله فيصل السلامة
طالب وطموح يسعى لتحقيق التميز في مسيرته الأكاديمية والمهنية. يتقن اللغتين العربية والإنجليزية. يتميز بشغفه الدائم لاكتساب المعرفة وتطوير مهاراته في مختلف المجالات.
Note: The original English version of the article is available at this link.
