عمل الإنسان منذ عصور قديمة على إفساد البيئة التي يعيش فيها وأخل بتوازنها وجلب لنفسه مخاطر ومشاكل عديدة لم يقدر على تحملها ، من جراء كثرة الملوثات مثل نفايات المصانع والمنازل والمزارع ومخلفات المدن والمواد البلاستيكية ووسائل النقل والمبيدات والأسمدة …وتعتبر المبيدات الزراعية من أهم وأخطر ملوثات البيئة فهي مواد كيميائية سامة تستخدم لمكافحة الآفات وتؤثرعلى العمليات الحيوية للعديد من الكائنات الحية ، وهي أيضاً سامة للإنسان والحيوان.
وقد أحدث الإنسان تغييراً في التوازن البيئي في مناطق عديدة، بإستغلاله لها واستثماره لأرضها، فعدد الحيوانات التي تعيش في المناطق إنقرضت بسبب الإخلال في التوازن، وأصبح يتزايد على نطاقات واسعة، وهذا السبب الأصلي في وجدود الآفات المعروفة.ولكي يبني توازناً جديداً، ويقاوم الحيوانات والنباتات الضارة، إنصب إلى إستخدام بعض المنتجات الكيماوية التي تتزايد كميتها وتزداد خطورتها يوماً بعد يوم. ولا يوجد مزارع إلا ويعرف حجم الخسائر التي تسببها دودة القطن، وأسراب الجراد…. وغير ذلك من الآفات .
قديماً فكَّر الإنسان في وسيلة للحد من مخاطر تلك الآفات على النباتات مستخدماً في سبيل ذلك وسائل مختلفة، فكان يستخدم نبات العنصل للقضاء على الفئران،كما كانت مكافحة أسراب الجراد تتم بطرق بدائية، لم تحقق المرجو منها إلا في حالات خاصة عندما تكون أعداد تلك الأسراب محدودة،كما كانت تستخدم بعض مشتقات النباتات الطبيعية،ومع التطور تم اللجوء إلى إستخدام مخلوط بوردو الذي يتركب من كبريتات النحاس والكلس الحي والماء، ومستحضرات تتضمن الزئبق والرصاص والكبريت،وتتصف هذه المواد بترسباتها الخاملة التي يمكن لها أن تتراكم في التربة ملوثة إياها لتُغسل فيما بعد إما بالأمطار أو بواسطة الري بالمياه،محمولة إلى المياه الجارية والأنهار مؤدية إلى موت الأحياء المائية.وقد بدأ إستخدام المبيدات الكيماوية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1967 حينما استخدم مركب أخضر باريس الزرنيخي لمكافحة خنفساء كولورادو ثم استخدم هذا المبيد مع الكيروسين لمكافحة العديد من الآفات الحشرية.
ورغم إختلاف الآراء حول النواحي السلبية والإيجابية للمبيدات الكيماوية، مازالت تعتبر حتى يومنا هذا ضرورية لتطوير الإنتاج الزراعي وحمايته بزيادة مردود وحدة المساحة المزروعة، أو التوسع في الأراضي القابلة للزراعة لزيادة الإنتاج في المساحة المزروعة، وقد أخفق في هذه المواجهة تارة ونجح تارة أخرى للحاجة الماسة للمعرفة بخصائص المبيدات الكيماوية الفيزيائية والكيميائية والبيئية والسمية … ومن الطبيعي أن هذه الخصائص غير معروفة لدى بعض المزارعين، ولكن يتوجب على الفنيين والأخصائيين الإلمام بها والقيام بتقديمها كنصائح وإرشادات إلى المزارعين للعمل على استخدامها بشكل علمي سليم من أجل ضمان عملية المكافحة للقضاء على الآفات الزراعية التي تصيب النباتات وبطرق آمنة بيئياً.
تُعرف المبيدات الكيميائية بأنها عبارة عن مواد كيماوية تستخدم لمكافحة الآفات الزراعية أو أي نوع من الكائنات الحية التي يمكن أن تشكل آفة على المحاصيل الزراعية، ويضعها العلماء في مجموعات وهي المبيدات الحشرية ، المبيدات الفطرية ومبيدات الأعشاب، بالإضافة إلى مبيدات القوارض، مبيدات الديدان الإسطوانية والرخويات ومبيدات العناكب. والمبيدات الزراعية بصورة عامة مركبات سامة وخطرة ويجب إستعمالها بحذر وعند الضرورة فقط بعد استنفاذ كافة أساليب الوقاية وطرق المكافحة الزراعية ويعتبر تعبيرLD50 مؤشراً على سمية المبيد وخطورته وتعني: جرعة المبيد مقدرة بالمليغرام لكل كغ من الوزن الحي التي يمكن أن تؤدي إلى موت 50% من حيوانات التجربة التي تتعرض لها وغالبا ما تكون مقدرة على الجرذان للجرعات المأخوذة عن طريق الفم.
أما الآفة الزراعية فهي أي كائن حي يصيب الإنسان أو ممتلكاته (من نباتات أو حيوانات) وتسبب له الضرر، فالحشرات من الآفات وكذلك الميكروبات(بكتيريا وفطريات وفيروسات) والحيوانات والطفيليات والطيور والقواقع والقوارض مثل الفئران وكذلك النباتات التي تنبت في غير مكانها تعتبر آفة أيضاً.
وبنظرة مستقبلية متفائلة يجب العمل على الحد والتقليل من إستخدام المبيدات الكيماوية والتوجه إلى إستخدام برامج الإدارة المتكاملة للمحاصيل ومنها المكافحة المتكاملة للآفات وتعتمد على استخدام الأعداء الحيوية والمواد الطبيعية (مفترسات،طيور،متطفلات،فرمونات جاذبة،وغيرها) المتوفرة في الطبيعة أو التي تتجه حالياً كثير من الشركات إلى إكثارها وإنتاجها بشكل إقتصادي.
أما الأسر وأصحاب العلاقة بإستخدام هذه المواد الكيماوية الخطرة فيجب العمل على قراءة التعليمات الواردة على الملصقة بدقة عند شراء أي مبيد كيماوي وعدم ترك المبيدات قريبة أو في متناول الأيدي للكبار والصغار ومحاولة عدم إقتائها بكميات كبيرة قدر الإمكان في المنازل والحدائق، حيث يتوفر في الأسواق عبوات بكميات 200مل أو 100مل بمعنى يمكن إستخدامها والتخلص منها مباشرة بطريقة آمنة بيئياً.
كما ندعو الدول للإلتزام بما هو وارد في الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالمواد الكيماوية ومن ضمنها المبيدات مثل إتفاقية روتردام،استوكهولم، بازل، ومونتريال والقرارات التي تصدر عن هذه الإتفاقيات وعما يصدر من قبل منظمة الصحة العالمية WHO ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO حفاظاً على صحة الإنسان والحيوان والبيئة.
Pingback: مقال عن نبات الزعتر | EcoMENA