إن الدول و الحكومات و أصحاب السلطة جد مقصرون في تشجيع مواطنيهم على تبني ممارسات الحفاظ على البيئة و الطاقة و الماء, و لا يمكن أن يقتصر التشجيع على التحسيس و التشجيع فقط بل يجب أن يتعداه إلى إجراءات ملموسة إما ماديا أو تشريعيا. رسميا و إعلاميا تتخذ الدول توجهات صداحة و براقة على المستوى الدولي لكن يبقى هذا ضعيفا و محدودا على مستوى التعامل اليومي و المجتمعي الداخلي أو ما يسمى باللامركزية و كأن الأمر يهم الدول و هي في معزل عن الأفراد و الأشخاص الذين يكونوهم. أو أن هؤلاء الأشخاص غير معنيون بالتلوث و التغير المناخي. و هنا أريد أن أتوجه باقتراحات لحث المسلمين على وجه التحديد و كل من له مرجعية دينية على وجه التعميم فيما يمكن أن يفعلوه للمساهمة في الحد من التغير المناخي.
يؤمن أهل الديانات السماوية بمفهوم يوم القيامة. لكن ألم يلاحظ هؤلاء ماذا سيقع في يوم القيامة. أليست هي في أغلبها عبارة عن كوارث طبيعية ستقع على مستوى السماء و الأرض و الماء. أليس هذا بالضبط ما يتم التحذير منه من خلال الخلل في النظم البيئية و المناخية التي بدأ بعض أعراضها بما يسمى بالتغير المناخي. ألا يجدر بالإنسانية أن تتناسى الآن كل ما يفرقها وتنكب على العمل سويا من أجل حل مشاكل البيئة و الكوكب الذي يؤوينا.
على المستوى الفردي هناك إجراءات بسيطة يمكن القيام بها فعليا و ليس نظريا. و التي يجب على الدعاة و رجال الدين التشديد و التركيز عليها أكثر من العبادات الروحية الأخرى. أولا لأن هذه الإجراءات ستعمل على حمايتنا و إنقاذنا , و ثانيا لأنها تجسيد لروح هذه العبادات الروحية. و هذا مثلا ما يمكن فعله :
غرس الأشجار و الاهتمام بها و بالأشجار المغروسة سلفا. إن غرس شجرة ليس له علاقة بالمفهوم الآني أو بمفهوم المواطنة الحقة فقط بل يتعداه إلى بعده الديني و الأخروي الصرف اعتمادا على حديث قاله الرسول الكريم محمد مضمونه انه إذا قامت القيامة و في يد أحد فسيلة فليغرسها إن استطاع. هذا الكلام عجيب و خارق للعادة. لأنه يوضح و منذ زمن الرسول محمد صلى الله عليه و سلم.
أولا أن التغير المناخي آت أو كما يسمى في المفهوم الديني بالقيامة
ثانيا أن احد حلول هذا المشكل هو غرس الأشجار بصفة خاصة و تبني سياسة محافظة على البيئة و الاستدامة بصفة عامة.
ثالثا إذا كانت العبادات الروحية مهمة جدا كما يركز عليها الدعاة لجاء في الحديث انه إذا قامت القيامة فسارع للصلاة أو للصدقة أو أي شيء آخر.
تشجيع الناس على عدم تضييع الماء خاصة في المساجد و دور العبادة و إعادة تدوير ما استعمل منها لسقي الأشجار مثلا.
استعمال الطاقات البديلة في دور العبادة و خارجها مثلا في الأسواق الشعبية و في أي مكان يتجمهر فيه عدد كبير من الأشخاص. مثلا في الأماكن ضعيفة التهيئة كالتي توجد في المناطق شبه الحضرية و القروية يمكن تشجيع باعة اللحوم و الأسماك على استعمال الطاقة البديلة خاصة في فصل الصيف عن طريق مشاريع يتم تمويلها بطريقة تشاركية و تسهيلات في الأداء.
يمكن كذلك تشجيع عموم الناس باستعمال الطاقة الشمسية من خلال وكالات الماء و الكهرباء نفسها حيث تقوم هذه الوكالات بتجهيز المساكن التي يرغب أهلها بالمشروع مجانا على أن يتم اقتطاع جزء من التكلفة كل شهر مع فاتورة الكهرباء أو الماء حتى انتهاء التكلفة الاجمالية.
تعميم الطاقة البديلة خاصة على الرحالة البدويين بالمجان كليا كي يستفيدوا من خدمات الهاتف و الإنارة و التدفئة و عدم الإحساس بالعزلة لأن بقاء مثل هؤلاء الناس و استمرارهم شيء جد مهم و ضروري في رسم الأمل و تخليق الحياة على هذا الكون.
إن ما تم التطرق إليه هنا لا يمكن اعتباره شيئا نظريا مجردا بل هي إجراءات يمكن و يجب العمل على تبنيها و تطبيقها و هذا يعني أن المشكل ليس في الإجراءات التي يجب القيام بها و إنما المشكل هو في الإرادة الحقة الدافعة للإصلاح ضد الفساد الذي ظهر في البر و البحر و السماء.
Pingback: دعم التمويل المناخي بالدول العربية : آستثمار لغد أفضل | EcoMENA
Pingback: السياسات المناخية في تونس : ناجعة رغم ضعف الإمكانيات | EcoMENA
Pingback: الوقود الأحفوري يجب أن يصبح جزء من الماضي | EcoMENA
Pingback: التأمل والبيئة | EcoMENA
Pingback: التسامح هدف سامي | EcoMENA
Pingback: فيروس كورونا: فرصة لإعادة النظر | EcoMENA
Pingback: التعليم البيئي: مفتاح لمستقبل أفضل | EcoMENA