أثار التغير المناخي على مصادر المياه

النقص الحاصل في كمية المياه العذبة في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا يمثل خطرا حقيقيا في النمو الإقتصادي , التلاصق الإجتماعي , السلام و الإستقرار السياسي . علاوة على ذلك , إستهلاك المياه العذبة في هذه الأيام لم يعد يقتصر على توافرها الحالي و المستقبلي و إنما تعتمد على إحتياجات الإستهلاكية التنافسية قطاعياً و جغرافياً .

و ما يزيد الأمر سوءا , أن هذا الوضع الرهيب بدأ بالتفاقم بسبب التغيرالمناخي السريع . التغير المناخي يؤثر على مصادر المياه من خلال تأثيره العميق على كل من كمية المياه , التوقيت  , التغير , الشكل و شدة الترسيب .

climate-change-water-scarcity

منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا تحديداً هي الأكثر عرضة لأثار التغير المناخي التخريبية و ذلك بسبب أن دول هذه المنطقة بلا شك هي من الدول التي تعاني  شدة في النقص للمياه عالمياً , حيث أن نصيب الفرد للمياه أقل من المعدل الطبيعي .

بالإضافة إلى أن دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا تعاني من وضع حرج بالنسبة لإنخفاض تساقط الأمطار و تفاوت شديد في هطولها مكانيا و زمانيا , غير أن لبنان هي الأفضل حالا من ناحية الهطول , و قطر هي الأسوء في تغير نسب هطولها .

كيف يؤثر التغير المناخي على مصادر المياه

درجات الحرارة المرتفعة تزيد من نسبة تبخر للمياه الموجودة في الجو , مما يؤدي إلى زيادة قدرة الجو على حمل المياه .هذا يسبب حدوث مواسم جريان مبكرة و قصيرة و زيادة في المواسم الجافة . كما أن زيادة التبخر يقلل من مستويات الرطوبة في التربة , والتي بدورها تزيد من نسبة تكرار الجفاف الحاصل في المنطقة , و زيادة أرجحية حدوث التصحر . بالإضافة إلى نقصان نسبة الرطوبة في التربة أيضا و حدوث إنخفاض في نسب الترشيح مما يؤدي إلى إنخفاض معدل التغذية في المياه الجوفية .

التغير المناخي أيضا يؤثر على مستويات البحر . إن إرتفاع مستويات سطح البحر قد يؤدي إلى إنخفاض في طبيعة و وفرة المياه في المناطق الساحلية . إرتفاع مستويات سطح البحر قد يؤثر سلبا على نوعية المياه الجوفية من خلال تسرب المياه المالحة إليها . بالإضافة إلى ذلك إرتفاع مستوى سطح البحر يؤثر على دورة المياه تحت سطح المناطق الساحلية  مما يؤدي إلى إنخفاض تدفق المياه العذبة و قلة نسبة المساحات المائية العذبة .

و من ناحية أخرى فإن إرتفاع مستويات سطح البحر يزيد من مستوى المياه في خزانات المياه الجوفية , مما قد يزيد نسبة الجريان السطحي لكن على حساب تغذية الخزانات الجوفية . إنه من المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر ما يقارب 19 إلى 58 سنتيمترا في نهاية القرن الواحد و العشرين . و الذي بدوره سيؤثر على 12 دولة من أصل 19 دولة من دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا . إرتفاع سطح البحر على هذا النحو من المحتمل أن يكلف جمهورية مصر , حيث أنها من الدول الرئيسية التي ستتأثر بهكذا إرتفاع , 10 % من سكان دلتا نهر النيل مشمولين مع الأراضي الزراعية و الأنتاج .

هذه الأنخفاضات في مصادر المياه ستؤدي إلى عواقب اجتماعية واقتصادية مكلفة . المياه المستعملة في تصنيع الأغذية , إنتاج الطاقة , الصناعات التحويلية , الملاحة , استخدام الأراضي , و إعادة التصنيع . و بناءا على ذلك فإنه من الصعب أبقاء توازن بين جميع إحتياجات الإنسان بإستمرار حصول نقص في مصادر المياه . على سبيل المثال , إنه لمن المتوقع في حال زيادة درجات الحرارة حدوث زيادة في إحتياج المحاصيل للمياه  بحدود من 5 إلى 8 % بحلول عام 2070 , و الذي يجب أن يعوض عن طريق إستخدام المياه المستعملة في تصنيع الطاقة , و بالتالي يهدد أمكانية إنتاج الطاقة . كما أن النقص في مصادر المياه يشارك في زيادة أسعار المياه , من خلال فواتير المياه الشهرية أو خدمات توصيل المياه مرة واحدة شهريا للمنازل و الشركات .

و أخيرا , إن النقص المتزايد في مصادر المياه سيؤدي إلى لجوء الحكومات لإتباع مشاريع إقتصادية شديدة مثل محطات تحلية المياه , الأنابيب ( مشروع نقل مياه البحر الأحمر – البحر الميت ) و السدود . هذه المشاريع ليست الوحيدة الشديدة إقتصاديا بل أيضا غير مستادمة بيئا و سوف تساهم بالنهاية إلى إحتباس حراري و تغير مناخي ( انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من محطات التحلية ) .

نقاط مفتاحية سريعة

الإحترار العالمي لا ينكر , و الزيادة في إنبعاثات الغازات الدفيئة سيكون له أثر عميق مناخيا , بيئيا , و إجتماعيا بشكل عالمي , خصوصا في مجال مصادر المياه . هذا من أكبر إهتمامات دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا , حيث أن هناك تزايد في تسجيلات الجفاف المتكررة , كما أن توافر المياه من المتوقع أن ينقص بنسبة 30-50% بحلول عام 2050 .

و من الواجب على دول المنطقة أن تقلل من إنبعاثات غازاتها الدفيئة و تحويل مصادر طاقتها إلى الطاقة النظيفة . و ينبغي على هذه المناطق عمل جهود عاجلة و طويلة الأمد للحفاظ على الماء عن طريق تقليل  المتطلبات و الإستهلاك , من خلال تحسين البنى التحتية للمياه بهدف التقليل من التسريب , تحسين تقنيات إدارة المياه ,  و إزالة دعم المياه .

كل فرد يعتمد على شيئ موثوق, دعم نظيف للمياه العذبة للحفاظ على حياته . المياه شيء أساسي لكل جزء في الحياة من الطاقة لإنتاج الغذاء و حتى الحفاظ على النظام البيئي . الإجراءات يجب أن لا تكون فقط لإيقاف النقص , لكن أيضا لتحسين الوضع , لأنه بدون ماء , ليس هناك حياة .  

ترجمة

علا محمود المشاقبة , حاصلة على درجة البكالوريوس تخصص ” إدارة الأراضي و المياه ” من الجامعة الهاشمية – الأردن بتقدير جيد جدا , عملت تطوعيا كعضو إداري مع مجموعة ” مخضّرو الأردن  JO Greeners – الجيل الأخضر حاليا -”   منذ ثلاثة سنوات, و متطوعة أيضا مع منظمة  EcoMENA  . موهبة الكتابة شيء أساسي في حياتي و قمت بتوظيفها في  خدمة القضايا البيئية

author avatar
Amir Dakkak
Amir Dakkak, a Palestinian from East Jerusalem, is an Environmental Scientist at AECOM. His main passion is water scarcity and water sustainability in the MENA region. He runs the blog Water Source that addresses water problems and sustainability. Amir has worked with Emirates Environmental Group on various environmental issues including water scarcity.
Tagged , , , , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Amir Dakkak

Amir Dakkak, a Palestinian from East Jerusalem, is an Environmental Scientist at AECOM. His main passion is water scarcity and water sustainability in the MENA region. He runs the blog Water Source that addresses water problems and sustainability. Amir has worked with Emirates Environmental Group on various environmental issues including water scarcity.