يبدو أن الرجوع إلى فترة ما قبل الثورة الصناعية سيصبح شيئا حتميا لا مناص منه ان نحن أردنا أن ننقذ أنفسنا و أرضنا من عواقب الأزمات البيئية بسبب ما يسمى بالتغيرات المناخية. و لقد فطنت و تيقنت العديد من الدول إلى هذا الخطر الداهم و من بينهم المغرب الذي انخرط في مساعي الحد من التأثيرات المناخية بشكل ملحوظ رسميا و فعليا من خلال عدة مشاريع وطنية كمخططات المغرب الأخضر للنهوض بالقطاع ألفلاحي و سياسات النجاعة الطاقية كمشاريع إنتاج الطاقات المتجددة.
و قد أصبح البلد بهذا رائدا في هذا المجال عربيا و إفريقيا. و تتجسد هذه الريادة كذلك من خلال استضافة مؤتمرات دولية كان آخرها مؤتمر قمة الأطراف كوب 22 . و لا يعتبر عزم المغرب على الخروج من التبعية الطاقية السبب الوحيد لإتباع سياسات النجاعة الطاقية و لكن لان المغرب كذلك مهدد بعواقب التغيرات المناخية السلبية كفترات الجفاف التي تضرب المناطق الجنوبية بالأخص مما يؤثر على محدودية المياه هناك و اجتياح الفيضانات لمناطق أخرى بسبب التساقطات المطرية و الثلجية المركزة في الزمان و المكان وصولا إلى تضرر بعض المناطق الأخرى كذلك من تسوناميات و أعاصير صغيرة كالتي ضربت الواجهة الأطلسية للمغرب في السنوات الأخيرة.
وناهيك عن الأضرار المادية و البشرية التي قد تسببها تأثيرات التغيرات المناخية فان عدم الاستقرار الاجتماعي و الأمني لبلد كالمغرب لا سمح الله به قد تؤدي عدم الاستقرار في مناطق أخرى خاصة أوروبا و كذلك الدول الإفريقية و العربية بتأثير اقل و من هنا إذن تبنى المغرب سياسة استباقية مستقبلية للتصدي للمشاكل التي قد نتعرض لها جميعا.
إن ما قد يزيد من التوجه الرسمي للدولة المغربية إزاء محاولة التصدي لتأثيرات التغيرات المناخية و ترسيخ مخططات الطاقة النظيفة و المحافظة على البيئة هو ان ينخرط الأفراد أنفسهم لكي نرى هذه الرؤى و التوجهات مجسدة في الحياة اليومية و الفردية للمواطنين , وهو شيء يظهر انه مازال بعيد المنال لأني أرى اشخصا يتعاملون مع الموارد الطبيعية كالطاقة و الماء و كأنهم من عالم أخر لم يسمعوا فيه أبدا بالمحافظة على البيئة بل و نجد هذا حتى في أماكن المفروط أن تعلم هذه القيم كالمؤسسات التعليمية و المساجد التي لطالما رأيت العديد منها يضيع الكهرباء و الماء دون أي اكتراث لا بالوازع الأخلاقي و لا الديني.
قد تجد عائلة هنا أو هناك تستعمل الآلات الالكترونية طوال اليوم كان يبقى التلفاز مثلا مشغلا اليوم كله دون أن يكون متفرج واحد أمامه ا وان تقتصد عائلة أخرى على استعمال الكهرباء ليس بسبب إحساسها البيئي و إنما فقط لتخفيض الفاتورة. و يبقى إذن التحسيس و التربية البيئيتين أمرا ملحا و ذو أولوية مهمة للتصدي الفعلي لمخاطر التغيرات المناخية بالمغرب.
Pingback: التغيرالمناخي و الكوارث الطبيعية | EcoMENA