مع تجاوز عدد سكان العالم 7 مليارات نسمة، فإن الضغط على الأراضي ازداد بشكل هائل في العقود الأخيرة. أصبح الأمن الغذائي والمساكن وسبل العيش من أهم المفاهيم الرائجة في الوقت الحالي. والمفارقة أنه بالرغم من الطلب المتزايد على الأراضي، فإن أكثر من 10 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة تتحول إلى صحراء كل عام. وتكمن العوامل الرئيسية المسببة للتصحر في إزالة الغابات والرعي الجائر وطرق الزراعة غير المستدامة وممارسات الري الضعيفة، إلى جانب تغير المناخ.
ونقلاً عن السيد لوك غناقادجا، السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حيث قال: “يعد تدهور الأراضي ظاهرة عالمية، حيث يحدث 78 في المئة من التدهور في الأراضي غير الجافة.” والنتيجة الحتمية للتصحر هي فقدان الأراضي الزراعية الثمينة، وتدمير الغطاء النباتي، والاختلال في التوازن الهيدرولوجي في المناطق الجافة.
خطورة الوضع
يُعد التصحر ظاهرة عالمية تؤثر على الدول في جميع أنحاء العالم. تشهد الصين نسبة عالية من التصحر بمعدل مثير للقلق، حيث يتصحر حوالي 1,300 ميل مربع سنويًا. كما تجف مناطق من أفريقيا جَنُوب الصحراء الكبرى، بالإضافة إلى أجزاء من تركيا الذي كانت سابقًا أراضٍ زراعية غنية. وفي الشرق الأوسط، فإن الصحراء تعاود الظهور حيث تتحول الأراضي الخصبة إلى قاحلة. ووفقًا لتقرير التنمية البشرية العربي لعام 2009 الصادر عن برنامَج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن التصحر يهدد حوالي خمس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيَا.
حوالي 48.6% من مساحة الأراضي في المشرق، و28.6% في وادي النيل والقرن الإفريقي، و16.5% في شمال إفريقيَا، و9% في شبه الجزيرة العربية معرضة للخطر بسبب التصحر. ومن بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيَا، تُعد ليبيَا ومصر والأردن من أكثر الدول تعرضًا للمخاطر. وفي شبه الجزيرة العربية، تُعد البحرين والكويت وقطر والإمارات من أكثر الدول تأثرًا.
كيف نكافح التصحر؟
أعلنت الأمم المتحدة منذ العام 2012 عن بداية عقدٍ لتحقيق حيادية التدهور الأرضي الصافي إلى صفر. وفي منطقة الشرق الأوسط، فإن الحل يكمن في مكافحة التصحر. ويجب علينا اتخاذ الخطوات لوقف تمدد الصحاري إلى الأراضي الخصبة الشحيحة التي نملكها.
ينبغي أن يكون هناك تركيز عاجل على الحفاظ على منسوب المياه الجوفية ووقف تآكل التربة. تساهم النظم البيئية كأشجار المنغروف في الحفاظ على التنوع البيولوجي الدقيق في منطقتنا، وتحتاج منّا للضرورة بذل الجهود لمنع تدميرها.
قال عالم البيئة الأمريكي ألدو ليوبولد بحق: “نحن نسيء استخدام الأرض لأننا نعتبرها سلعة تخصنا. عندما نرى الأرض كمجتمع ننتمي إليه، فربما نبدأ باستخدامها بمحبة واحترام.” وقد أدرك أسلافنا ذلك حينما قالوا: “كلّما يثبت في التربة ينتمي إلى التربة”، مما يضمن بقاء الأشجار في مكانها.
إن مشكلة التصحر إلى حد ما من صنع أيدينا، وعدم اهتمامنا الحالي يزيد من تفاقم المشكلة. والحلول بسيطة للغاية، لكنها تتطلب درجة عالية من المسؤولية الاجتماعية وتغيير السلوك.
الشراكة هي مبدأ ملزم في مكافحة التصحر. وتشمل الجهات الرئيسية بمشاركة الأفراد والحكومات، والسلطات والشركات، والبرلمانات والمنظمات غير الحكومية. ويمكن للمدارس والكليات أيضًا أن تؤدي دورًا هامًا في نشر المعلومات وتطوير المهارات والتقنيات لمكافحة التصحر.
يجب أن يكون تشجير الأراضي الجافة هو المبادرة الأساسية في مكافحة التصحر. فهذا إجراء بسيط وفعّال، ويجب تنفيذه بمشاركة جميع قطاعات المجتمع المدني. فالأشجار لا تمتص ثاني أكسيد الكربون فقط، بل تساعد أيضًا في منع تآكل التربة. وللأشجار أيضاً تأثيراً إيجابياً على تغير المناخ وتساهم في تحسين أنماط الطقس على المدى البعيد. أرجو منكم بكل تواضع أن تخطوا تلك الخطوة الأولى، وأن تغرسوا شجرتكم الأولى وتقوموا بتخضير الأفق قبل فوات الأوان.
ترجمة: عبدالله فيصل السلامة
طالب وطموح يسعى لتحقيق التميز في مسيرته الأكاديمية والمهنية. يتقن اللغتين العربية والإنجليزية. يتميز بشغفه الدائم لاكتساب المعرفة وتطوير مهاراته في مختلف المجالات
Note: The original English version of the article is available at this link.