تشهد السياحة البيئية في الأردن تطوراً متعدد الجوانب يشمل كلاً من الفرص الاقتصادية البحتة المرتبطة بالسياحة ذاتها إضافة إلى المجالات الأوسع التي تشمل التنمية البيئية والمجتمعية كعناصر أساسية في نمو هذا القطاع. واستجابة لرغبة واهتمامات المسافرين (السوّاح) المحليين والإقليميين والدوليين، توفر السياحة البيئية في الأردن منصة مثالية للشركات المستدامة المسؤولة التي تعمل على جذب الاستثمارات الخضراء وتمكين المجتمعات المحلية من خلال تطوير خدمات ومنتجات مميزة ومتخصصة.
الميزة التنافسية
إن ندرة وتفرّد الموارد الطبيعية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك الأردن، أصبحت توفر ميزة تنافسية تفتح أبوابا جديدة للسياحة البيئية وسياحة المغامرة. كما ويشكل الابتكار الاجتماعي والابتكار في المجال البيئي (الأخضر) بعداً آخر يحفّز انطلاق أفكاراً جديدة للأعمال الصغيرة والمتناهية الصغر في الأردن مما يسهم في إيجاد فرص العمل وتوليد الدخل للمجتمعات المحلية، خاصة لفئات الشباب والنساء. وبينما يبحث المستثمرون التقليديون عادة عن توجهات وفرص في الأسواق الخارجية، يوفر قطاع السياحة البيئية فرصا استثمارية محلية قيّمة.
الأردن – النموذج الأمثل
كان الأردن من أوائل دول الشرق الأوسط التي وظفت القيمة الاجتماعية والاقتصادية لبيئتها المتنوعة والفريدة. فمنذ الستينيات، اتخذ الأردن خطوات جادة لحماية بيئته الطبيعية من خلال إنشاء الجمعية الملكية لحماية الطبيعة والتي أنيط بها إنشاء المناطق المحمية وإدارتها. في عام 1993، ومن خلال إنشاء نموذج محمية ضانا للمحيط الحيوي، وضع الأردن السياحة البيئية كعنقود تنموي رئيسي لدمج التنمية الاقتصادية والاجتماعية ضمن حماية البيئة. واليوم، يوجد في الأردن عشر محميات طبيعية توفر للسائح تجربة استثنائية للتمتع بالطبيعة ومساعدة المجتمعات المحلية.
وقد اكتسبت تجربة الأردن في مجال السياحة البيئية اعترافاً عالمياً وغدت نموذجاً ناجحاً للشراكات ما بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية. وتشير أرقام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة إلى أن مشاريع السياحة البيئية قد ولّدت حوالي 1.5 مليون دينار أردني (حوالي 2.1 مليون دولار أمريكي) في عام 2015 من خلال زيارة 175 ألف شخص للمحميات الطبيعية في الأردن، 65 في المائة منهم من الأجانب.
الآفاق المستقبلية للسياحة البيئية
ولكي تزدهر السياحة البيئية في الأردن وتحقق أهدافها التنموية، فلا بد من توفر مجموعة من العوامل الممكنة، بما في ذلك البنى التحتية المختلفة. حيث يتحتم على الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية أن تعمل معاً من أجل توفير هذه البنى ومنها: تطوير الإطار التشريعي والتنظيمي الملائم، تسهيل استخدام الأراضي، توفير أدوات التمويل المناسبة، تنمية القدرات البشرية والمؤسسية المحلية، وتوفير مناخ جاذب للاستثمار، هذا بالإضافة إلى توفير وسائل النقل المريحة وبكلفة معقولة.
كما أن تمكين الابتكار المحلي وتعزيز الريادة المجتمعية في المجتمعات المحلية سيشكل بدوره القيمة المضافة الحقيقية للمحافظة على مستقبل السياحة البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ترجمة
د. بان مساعده
حاصله على الدكتوراه في وقاية النبات من جامعة هانوفر/ المانيا. عملت كباحث رئيسي في المركز الوطني للبحث والارشاد الزراعي في مجال أبحاث الزراعة العضوية والمكافحة الحيوية، وعضوا في لجان مأسسة الزراعة العضوية في الاردن، وفي تدريب المجتمعات المحلية على مفاهيم المكافحة الحيوية والزراعة العضوية، وفي مجال إعداد وتقديم البرامج الزراعية التلفزيونية. في قطاع المؤسسات غير الحكومية عملت كمشرف تطوير برامج تنمية المجتمعات المحلية وإعداد مقترحات المشاريع الاجتماعية – الإقتصادية في مؤسسة نهر الاردن.
Pingback: الاقتصاد الاخضر في الأردن..حاجة وخيار استراتيجي | EcoMENA
Pingback: لحفاظ على التنوع البيولوجي في الأردن | EcoMENA