التأثير الخفي للمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على بيئتنا

لقد أصبحت المواد البلاستيكية (ذات الاستخدام الواحد) جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، وذلك لأنها متوفرة ومريحة بشكل كبير، ولكن كلفتها أعلى مما نحسبه. فمثلاً الكيس البلاستيكي أو كأس القهوة الذي نتخلص منه ويبدو أنه غير ضار، له تأثير سلبي ومظلم وهو: المساهمة في التلوث البيئي. سوف نتحدث بتفاصيل اكثر في هذا المقال عن التأثير الخفي لهذه المواد البلاستيكية على بيئتنا ونسلط الضوء فيمايلي على الحلول المحتملة لتقليل النفايات البلاستيكية.

environmental impacts of single use plastics

إنتشار المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد

لأن مادة البلاستيك خفيفة الوزن ومتينة ومتعددة الاستخدامات فلقد أصبحت جزءًا أساسيا من حياتنا الحديثة، وأصبح البلاستيك خيارًا عمليا لكثيرٍمن الادوات، وبالرغم من ذلك، فقد أدت طبيعتها إلى الافراط  في  الاستخدام مما رتب على هذا الافراط والاعتماد عليها، إنتاج أكثر من 300 مليون طن من البلاستيك ونصف هذه الكمية تقريباً مخصص للمواد ذات الاستخدام الواحد.

التكاليف الاقتصادية

جميعنا نعلم بأنه يترتب على إنتاج المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، تكاليف اقتصادية مرتفعة وغالباً ما تتحمل الحكومات ودافعو الضرائب العبء الاكبر من تكاليف إدارة هذه المواد، متضمنة تكاليف التنظيف، والتكاليف التشغيلية لمدافن النفايات أو إعادة تدويرها. بالاضافة لذلك، وبما أن التلوث البلاستيكي يهدد التنوع البيولوجي وصحة النظام البيئي، فإننا نخاطر بتعريض القيمة الاقتصادية للنظم البيئية وصناعات السياحة للخطر. لذا فإن الحد من استهلاك البلاستيك ذو الاستخدام الواحد يمكن أن يوفر الكثير بالتكاليف على مستويات مختلفة ومتعددة من المجتمع.

الرابط مع الغازات الدفيئة

لإن البلاستيك   مُصنع من المنتجات البترولية ومن الوقود الاحفوري غير المتجدد، فإن عملية تصنيع المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد والتخلص منها تتسبب بانبعاث الغازات الدفيئة وتشكل عواقباً بيئية خطيرة، بما في ذلك تغير المناخ. حيث تتحلل هذه المواد البلاستيكية المهملة وتنتهي بمدافن النفايات وبعدها ومع مرور الوقت، يؤدي ذلك الى إطلاق غاز الميثان، وهو من أقوى الغازات الدفيئة المؤثرة والمؤدية إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.

plastic ingestion by marine organisms

وبما اننا مدركين لخيارتنا وتأثيرها على البيئة، يمكننا أن نساعد على على اختيار واستهلاك المنتجات والخدمات ذات البصمة الكربونية المنخفضة، مما يساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ على نطاق واسع.

إعادة التدوير: حل جُزئي

عندما تم تطبيق إعادة التدوير كاستراتيجية أساسية في إدارة النفايات لم يؤخذ بالحسبان أنها ليست حلاً متكاملاً للتلوث البلاستيكي من المواد المستخدمة مرة واحدة، حيث تتم إعادة تدوير 9% فقط من مجمل البلاستيك المنتج ويتم التخلص من الباقي أو حرقه أو تركه يتحلل في البيئة، وبالاضافة لذلك فإن ليست كل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد قابلة لإعادة التدوير، وبالاغلب فإن انظمة إعادة التدوير ليس لديها القدرة على استيعاب هذا الكم الهائل من النفايات البلاستيكية الناتجة.

تواجد المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في مياهنا

تواجه مصادر المياه في جميع انحاء العالم مشكلة مستمرة ومتزايدة الا وهي التلوث البلاستيكي، حيث أن حوالي 8 ملايين طن متري يؤول به الامر في النهاية الى المحيطات كل سنة. حيث تقوم الكائنات البحرية من أصغرها الى أكبر الحيتان ببلع هذه النفايات البلاستيكية وهذا يؤدي إلى كوارث، لانه لا يمكن لهذه الكائنات هضم اجزاء النفايات وممكن أن تعلق بحناجرها لتخنقها وتتسبب بجوعها حتى ممكن أن تؤثر على الصحة الانجابية لبعض الانواع البحرية.

menace of plastic water bottles

المواد البلاستيكية الدقيقة: تهديد خفي

هذه المواد عبارة عن جزيئات بلاستيكية متناهية الصغر، يقل حجمها عن 5 ملم، تتشكل من مجموعة من المصادر، مثل الملابس الاصطناعية، وتآكل عجلات المركبات، وايضاً تحلل المواد البلاستيكية الاكبر حجماً. تتواجد هذه الجزيئات في الماء والتربة وحتى في الهواء الذي نستنشقه، والابحاث قائمة حالياً على تأثير هذه المواد على المدى البعيد على صحة الانسان والنظم البيئية.

البطانة الفضية: حلول واعدة

  • التشريعات: بدأت الحكومات حول العالم بفرض قيود أو حظرعلى المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، مثل الأكياس والقش وأدوات المائدة التي تستخدم مرة واحدة، وذلك لتشجيع الناس للتحول الى استخدام البدائل المستدامة.
  • خيارات المستهلك: عندما يقوم المستهلك باختيار البدائل المستدامة والقابلة للاستعمال المتعدد سيق اعتمادنا على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وبهذا يستطيع المستهلك إحداث التغيير داخل الاسواق.
  • المواد القابلة للتحلل الحيوي: إن الاستثمار في المواد البديلة التي تتحلل حيوياً (بيولوجياً) بشكل غير ضار في البيئة يساعد بشكل كبير باستبدال المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في مختلف المجالات.
  • التعليم والمبادرات: إن رفع مستوى وعي الناس وتحسين وتعزيز البرامج الخاصة بالحد من النفايات يمكنه أن يساعد المجتمعات بشكل كبيرلمعالجة مشاكل التلوث البلاستيكي الناتج عن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. 

النهج المبتكرة

ظهرت تقنيات جديدة واساليب مبتكرة للحد من التلوث البيئي مع زيادة مستوى الوعي بالقضايا الخاصة بالمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. حيث تعد الشركات رائدة في التطور في مجالات صنع واستخدام المواد البلاستيكية القابلة للتحلل، وتحويل النفايات الى طاقة، واعادة التدوير، وذلك باستخدام النفايات البلاستيكية كمصدر للمواد والمنتجات الجديدة. إن قمنا جميعاً بدعم هذه النهج المبتكرة فهذا يؤدي بلا شك إلى تقليل النفايات البلاستيكية، بل سيقوم بخلق إقتصاداً دائرياً للمواد البلاستيكية لمنعها من الوصول الى بيئتنا.

الخاتمة

بالرغم من إن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد يوفر الراحة والسهولة في أيامنا المزدحمة، إلا أنه لا يمكننا تجاهل تأثيرها على البيئة، إن الوعي بهذه القضية والاعتماد على البدائل المستدامة يمكننا من تمهيد الطريق إلى مستقبل أكثر نظافة وإخضراراً، ومن خلال تفهمنا لتأثيرها الخفي يمكننا أن نبدأ معاً في كشف ألغاز هذا التهديد البيئي المستمر والبدء بتأسيس حياة أكثر استدامة لنا وللاجيال القادمة.

ترجمة: ماجدة هلسه

أردنية متعددة الإهتمامات، لديها من الخبرة ما يقارب السبعة وعشرون عاماً في مجال المالية والإدارة في المؤسسات المحلية والدولية، وتعمل ماجدة حالياً مع التعاون الدولي الالماني كموظفة مالية. ومع ذلك كله وعلى الصعيد التطوعي، فإن لديها شغفاً كبيراً بالترجمة في كافة المواضيع والمجالات، وقد بُني هذا الشغف بالخبرة الشخصية والعملية على مدى هذه السنين.

Note: The original English version of the article is available at this link.

author avatar
Salman Zafar
Salman Zafar is the Founder and Editor-in-Chief of EcoMENA. He is a consultant, ecopreneur and journalist with expertise across in waste management, renewable energy, environment protection and sustainable development. Salman has successfully accomplished a wide range of projects in the areas of biomass energy, biogas, waste-to-energy, recycling and waste management. He has participated in numerous conferences and workshops as chairman, session chair, keynote speaker and panelist. He is proactively engaged in creating mass awareness on renewable energy, waste management and environmental sustainability across the globe Salman Zafar can be reached at salman@ecomena.org
Tagged , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Salman Zafar

Salman Zafar is the Founder and Editor-in-Chief of EcoMENA. He is a consultant, ecopreneur and journalist with expertise across in waste management, renewable energy, environment protection and sustainable development. Salman has successfully accomplished a wide range of projects in the areas of biomass energy, biogas, waste-to-energy, recycling and waste management. He has participated in numerous conferences and workshops as chairman, session chair, keynote speaker and panelist. He is proactively engaged in creating mass awareness on renewable energy, waste management and environmental sustainability across the globe Salman Zafar can be reached at salman@ecomena.org

Share your Thoughts

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.