تزايد كمية النفايات الإلكترونية يثير مزيدا من الاهتمام على جدول الأعمال العالمي .في عام 2017، يتوقع أن يصل إنتاج النفايات الإلكترونية إلى 48 مليون طن في جميع أنحاء العالم. أكبر المساهمين في هذا الحجم هي دول متقدمة للغاية، مع المراكز الثلاثة الأولى من هذا الترتيب غير المشرف من نصيب النرويج وسويسرا وأيسلندا. ففي النرويج، ينتج كل ساكن 28.3 كيلوغراما من النفايات الإلكترونية كل عام. أما دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الترتيب فهي ليست بعيدة عن الدول العشر الأولى، حيث تنتج كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة 17.2 كيلوغرام من النفايات الإلكترونية للفرد سنويا. وتنتج المملكة العربية السعودية ،بتعدادها السكاني الكبير، أقل كمية من النفايات الإلكترونية للفرد الواحد في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، بمعدل 12.5 كيلوغراما في السنة.
الصلة بين التنمية والنفايات الإلكترونية
تشير البحوث الأخيرة إلى وجود صلة قوية بين التنمية الاقتصادية وتوليد النفايات الإلكترونية. وبسبب معدلات النمو الحضري السريع مع الزيادة الكبيرة في مستوى المعيشة، فإن المزيد من الناس يتبنون ثقافة استهلاكية. مع ارتفاع الدخل المتاح، يستبدل الناس التكنولوجيا في كثير من الأحيان، في أقرب وقت هناك نسخة مطورة في السوق. و يزيد التقدم التكنولوجي من تفاقم هذا التطور، حيث يجعل دورة حياة المنتجات أقصر.
تعقد النفايات الإلكترونية
فالمخلفات الإلكترونية ليست مجرد شكل نفايات مضطرد النمو، ولكنها معقدة أيضا، لأنها تحتوي على مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات المختلفة. وهذا يجعل من الصعب للغاية إدارتها. ومن شأن التطور السريع للتكنولوجيا وظهور منتجات مثل الملابس الذكية أن يزيد من صعوبة إدارة النفايات الإلكترونية في المستقبل. إن التعامل مع النفايات الإلكترونية ليس فقط ساما بالنسبة للعاملين الذين لهم اتصال مباشر بها، ولكن أيضا المكبات التي يتم تخزين المخلفات الإلكترونية فيها لها آثار بيئية شديدة الضرر على المناطق المحيطة بها. وتقوم كثير من البلدان المتقدمة بتصدير الجزء الأكبر من نفاياتها الإلكترونية إلى البلدان النامية، حيث يتم استردادها باستخدام أساليب ضارة للغاية بالنسبة للبشر والبيئة.
ومن مجموع النفايات الإلكترونية المنتجة في جميع أنحاء العالم، لا يتم جمع سوى حوالي 15 في المائة عبر المخططات الرسمية للاسترجاع. الاتحاد الأوروبي واحد من المناطق القليلة في العالم التي لديها تشريعات موحدة فيما يتعلق بجمع النفايات الإلكترونية ومعالجتها. وقد بدأ العمل بتوجيهات النفايات الكهربائية والإلكترونية(WEEE) في عام 2003، وهو مصمم لجعل مصنعي الأجهزة مسؤولين عن معداتهم في نهاية حياتها، وهو نظام يعرف باسم مسؤولية المنتجين الموسعة (EPR).
فرصة غير مستغلة
ومع ذلك، ينبغي ألا ينظر إلى النفايات الإلكترونية على أنها مشكلة يتعين على البلدان المتطورة والمتقدمة أن تواجهها. فوفقا للاحصاأت، تقدر القيمة العينية لمكونات النفايات الالكترونية العالمية ب 48 مليار يورو فى عام 2014 . علما أن جزأ كبيرا من النفايات الإلكترونية تتشكل من الحديد والصلب، والمعادن الثمينة مثل الذهب والنحاس والبلاديوم والفضة والبلاتين والكوبالت، وأكثر من ذلك ٬ توفر حافزا اقتصاديا لإعادة التدوير . بالإضافة إلى القيمة المادية الجوهرية، هناك فوائد أكثر لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، مثل خلق فرص العمل والوظائف.
وبالإضافة إلى هذه الفوائد الاقتصادية، فإن إعادة تدوير منتجات النفايات الإلكترونية تضمن أيضا الحد من التلوث البيئي عن طريق الحفاظ على الموارد الخام، التي يقترن استخراجها بأضرار شديدة بالنظم الإيكولوجية بأكملها.
الوضع في دول الخليج
وفي جميع بلدان مجلس التعاون الخليجي تقريبا، يوجد حد أدنى من التشريعات،هذا إن وجدت، بشأن النفايات الإلكترونية، مع اختلافات طفيفة بين المقاطعات المعنية. وتستخدم الكويت، وهي واحدة من أكبر منتجي النفايات الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي، نفس المدافن للنفايات التقليدية والنفايات الإلكترونية معا. في حين تقوم البحرين بتشغيل مكب نفايات واحد فقط للبلد بأسره، ولكن هناك عدة مبادرات لإعادة التدوير تهدف إلى فصل البلاستيك والمعادن والورق. ومع ذلك، لا يوجد قانون شامل مؤطر بشأن إدارة النفايات الإلكترونية. و تمتلك المملكة العربية السعودية أكبر كمية إجمالية للنفايات الإلكترونية بين دول مجلس التعاون الخليجي. نعم هناك شركات خاصة ومبادرات ومنظمات غير ربحية تعمل حاليا على إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية، ولكن لا يوجد نظام منظم في المكان.
وليس لدى سلطنة عمان لوائح أو مرافق للتعامل مع النفايات اإللكترونية، إلا أن الدولة قد أعلنت مؤخرا الحاجة إليها٠ وقد اعترفت قطر أيضا بالحاجة إلى معالجة مسألة إدارة النفايات، ولكنها لم تتخذ إجراأت ملموسة بعد. ويمكن العثور على الزخم الأكثر تقدما فيما يتعلق بالنفايات الإلكترونية لجميع دول مجلس التعاون الخليجي في الإمارات العربية المتحدة. وفي بعض مراكز إدارة النفايات، توجد مرافق تفرز فيها النفايات الإلكترونية وتصنف بدقة. وتعمل حكومة الإمارات العربية المتحدة حاليا على تطوير اللوائح والتسهيلات اللازمة لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية بشكل سليم.
الطريق الى الامام
كما رأينا، في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، هناك اعتراف واسع النطاق بالحاجة إلى تشريعات للنفايات الإلكترونية. توفر إدارة النفايات الإلكترونية فرصا وإمكانات هائلة في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ويرجع ذلك أساسا إلى أربعة أسباب. أولا، إدارة النفايات الإلكترونية توفر فرص شغل لكل من العمالة المؤهلة و للعمالة غير المؤهلة على حد سواء. وقد يساعد ذلك على نقل العمالة من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وهذا مطمح العديد من دول الخليج. ثانيا، يمكن لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية أن تقلل أيضا من التكاليف، نظرا لاستخدام حيز أصغر من المطرح. وفي البحرين، من المتوقع أن يصل مكب النفايات الحالي، و الوحيد، قدرته الإستيعابية في السنوات المقبلة، ما يمثل مخاطر صحية إضافية للسكان نظرا لقربه من المناطق الحضرية.
ثالثا، توفر القيمة العينية للنفايات الإلكترونية بمعادنها الثمينة حافزا اقتصاديا لإعادة التدوير. ومع انخفاض احتياطيات العديد من المعادن بشكل لافت، من المتوقع أن تزداد القيمة الاقتصادية لهذه الموارد. رابعا، توفر التطورات في مجال إدارة النفايات الإلكترونية فرصا للبحث الصناعي والبيئي. وبالإمكان تطوير مناهج إعادة تدوير مبتكرة وفعالة ونقلها إلى بلدان أخرى.
ولتحقيق المبتغى من إدارة النفايات الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي، تكمن الخطوة الأولى في وضع إطار تنظيمي سليم كفيل بضمان مشاركة القطاع الخاص. وبالإضافة إلى ذلك، يلزم وضع برامج لزيادة الوعي العام بمعضلة النفايات و النفايات الإلكترونية على وجه الخصوص، وهذا أمر ضروري لبلوغ نظام متكامل لإدارة النفايات الإلكترونية.
ترجمه للعربية يوسف بنغزواني
يوسف بنغزواني: خريج المعهد العالي للتجارة و إدارة المقاولات بالمغرب. حاصل على البكالوريا في الاقتصاد وعلى ماجستير في إدارة الأعمال (MBA) من كندا. هو ايضا متخصص في إدارة المشاريع(PMP) معتمد من قبل معهد إدارة المشاريع في الولايات المتحدة الأمريكية.