نملك مساحة محددة من الأرض لكن النمو السكاني لا يتوقف، حيث يزداد عدد السكان يوماً بعد يوم بصورة جعلت الكثير من الأراضي الزراعية تتحول إلى مبانٍ سكنية لكي تستوعب تلك الزيادة ، يقدر عدد سكان قطاع غزة في عام 2005 ب 1.390 مليون نسمة و حاليا يقدر ب 1.82 مليون نسمة ، و هذا يوضح تزدايد مستمر بدرجة كبيرة في عدد السكان ، مما أثر على توزيعة المساحات السكانية و الزراعية في قطاع غزة بشكل واضح ، ، حيث تعتبر مساحة قطاع غزة الكلية 365 كم2 و مساحة الاراضي الزراعية 75.2 كم2 ،بنسبة20.6% من مساحة قطاع غزة الكلية لعام 2011 م ، حيث كانت نسبة المساحات الزراعية في قطاع غزة 29.9% لعام 2005 م ، فلم يعد الانتاج الزراعي كما كان من قبل. على صعيد آخر، ولنفس السبب المتمثل في زيادة مساحة المباني على حساب الأراضي الزراعية، ارتفعت درجات الحرارة داخل المدن وأصبحت هذه المباني بمثابة مخزن للحرارة. وربما كان لسكان الطوابق العليا النصيب الأكبر منها.
يعاني العالم حالياً من قضية التغير المناخي والأثار السلبية الناتجة عنه، والتي تتزايد في الآونة الاخيرة بشكل كبير، وبالرغم من أن قطاع غزة لا يعتبر مسبب رئيسي لها ، حيث أن الحد المسموح به من انتاج غاز ثاني اكسيد الكربون هو 1.7 طن للفرد الواحد في العام ، و يقدر انتاج الفرد الفلسطيني ب 6. طن / للفرد / بالسنة و يعتبر ادنى من الحد المسموح به و قليل جدا مقارنةً مع انتاج الفرد الاروبي 23.9 طن / للفرد / بالسنة و الفرد الامريكي 17طن / للفرد / بالسنة ، إلا أن يعتبر قطاع غزة متأثر بها من الدرجة الاولى و بناءا ذلك يتطلب منا التوجه بالتفكير للتكيف معه والتخفيف من أثار التغير المناخي. أحد الحلول المقترحة هو التوجه لفكرة زراعة الأسطح كمساهمة في التخفيف من أثار التغير المناخي، انطلاقاً من أن السبب الرئيسي لتغير المناخي هو زيادة نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي والتي يعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون أبرزها، والحل الأفضل للتخلص من زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون هو الأشجار التي تعمل على استهلاك ثاني أكسيد الكربون وزيادة نسبة الأكسجين، حيث أن كل 1.5 م2 مساحة مزروعة تكفي لتغطية احتياجات شخص بالغ من الأكسجين لمدة سنة كاملة.
زراعة الاسطح
تعتبر زراعة الأسطح واحدة من أساليب الزراعة الحضرية، وتتمثل في استغلال الأماكن غير المستغلة فوق أسطح المباني في المدن وزراعتها بأشجار مثمرة لإنتاج الاحتياجات المنزلية من الخضراوات والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية ونباتات الزينة. ويمكن تحقيق ذلك عن طريق تغيير مكان الزراعة التقليدى باستخدام تقنيات الزراعة بدون تربة والاستفادة من طبيعة المدينة فى تحسين البيئة والمناخ السائد فيها.
فوائد زراعة الأسطح
- المساهمة في التخفيف من آثار التغير المناخي من خلال تقليل نسبة ثاني اكسيد الكربون وإنتاج الاكسجين.
- التقليل من كمية الحرارة التي يمتصها سطح المبنى وبالتالي يزيد من عمر المبنى ويقلل من كمية الطاقة المستهلكة لتلطيف حرارة المباني؛ وبذلك يتم التكيف مع التغيرات المناخية.
- استغلال المساحات المهملة، والتخلص من المهملات والمخلفات التي تخزن على أسطح المنازل والتي تعمل كمأوى لتكاثر الحشرات والقوارض.
- زيادة المساحات الخضراء وإنتاج بعض الاحتياجات المنزلية الغذائية، بشكل صحي ومضمون.
- توفير مكان استجمامي ومتنفس لسكان المبنى.
نموذج لزراعة الأسطح
نفذت جمعية نطوف للبيئة وتنمية المجتمع مبادرة "التوجه نحو زراعة الاسطح كحل للتخفيف من أثر التغير المناخي في قطاع غزة" ضمن مشروع قيادات بيئة نحو مجتمع مستدام، بالشراكة مع حركة الشباب العربي للمناخ – فلسطين، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر مرفق البيئة العالمي برنامج المنح الصغيرة.
وتهدف المبادرة إلى خلق نموذج عملي لزراعة الأسطح في قطاع غزة لتعزيز الثقافة العامة لسكان قطاع غزة ومؤسساتهم في هذا المجال، حيث تعني زراعة الأسطح زيادة المساحات الخضراء التي تقلل بدورها من نسبة ثاني أكسيد الكربون، وهو ما من شأنه أن يساعد في التكيف مع تأثيرات التغير المناخي على المدى القريب والتخفيف من أثر التغير المناخي على المدى البعيد.
تم تنفيذ المبادرة في جمعية أطفالنا للصم، من قبل فريق شبابي وبمشاركة الطلاب الصم التابعين لجمعية أطفالنا للصم. وامتدت مدة تنفيذ المبادرة لشهرين متواصلين، و كانت آلية التنفيذ مقسمة على مرحلتين؛ تتلخص المرحلة الاولى في تقديم ورشة عمل لموظفي الجمعية ومدرسي مدرسة أطفالنا للصم التابعة للجمعية، بالإضافة إلى ورشة عمل للطلاب الصم. حيث ركزت على توعية الفئة المستهدفة بقضية التغير المناخي والتوجه نحو زراعة الأسطح كحل للتخفيف من الآثار الناتجة عنه، وكيفية زراعة الاسطح والعناية بها. وتم تقديم التوعية ل 70 شخص.
بينما تمثلت المرحلة الثانية من المبادرة في تنفيذ نموذج عملي لزراعة الأسطح. حيث تم استغلال مساحة 100 متر مربع من سطح جمعية أطفالنا للصم وزراعته بنباتات الزينة، باستخدام أسلوب الزراعة بالتربة. وتم اختيار هذا النوع من الأشجار وطريقة الزراعة من أجل تحقيق مبدأ الاستدامة البيئة ولأن المبنى الذي تمت زراعته هو مبنى خدماتي وليس مكان للسكن.
وركزت المبادرة على استغلال مخلفات البيئة الغير مستخدمة والاستفادة منها من خلال تشكيلها مرة أخرى كأحواض زراعية، حيث تمت الاستفادة من مخلفات الأخشاب والحديد وإطارات السيارات المستعملة.
تعتبر فكرة زراعة الأسطح من إحدى الأساليب الناجحة في التخفيف من آثار التغير المناخي؛ لما لها من تأثير واقعي وفعلي في تقليل نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، بالإضافة إلى وجود قابلية لدى المجتمع لتنفيذ مثل هذه المبادرات، واستغلال أسطح المنازل وزراعتها. دون أن نغفل عن أهمية أخذ عدد من المعايير في عين الاعتبار عند التنفيذ؛ حيث يجب الاطلاع على طبيعة المبنى والهدف من الزراعة، وذلك من أجل الاختيار الأمثل لأنواع النباتات وطريقة الزراعة.
رهام طالبة مستوى اخير بكالوريوس هندسة بيئية من مدينة غزة. ناشطة بيئية خاصة في مجال تغير المناخ. مهتمة جدا بقضايا النفايات الصلبة حيث تعمل على مجموعة من الأفكار والمبادرات لتحويل النفايات إلى مواد جديدة قابلة للاستخدام البشري. أثارتغير المناخ تحفزها دائما للعمل المتواصل لايجاد حلول عاجلة وملائمة للتخفيف والتكيف مع هذه الاثار. رهام تؤمن بأن لكل إنسان دور مهم مهما كان بسيطا يجب أن يقوم به ليترك له بصمة فى هذا العالم.
Pingback: زراعة الاسطح تجربة رائدة في غزة الحبيبة | Amaretna