مع اقتراب موسم الحج، يتجه ملايين المسلمين من أنحاء العالم إلى مكة المكرمة لأداء مناسكهم المقدسة. وفي ظل هذا التجمع الإيماني الهائل، تبرز أهمية الحفاظ على البيئة والاهتمام بالاستدامة، انطلاقًا من تعاليم الإسلام الذي تحث على حماية الأرض وعدم الإفساد فيها. فكيف يمكن لكل حاج أن يساهم في جعل حجه أكثر صداقةً للبيئة؟
تقليل استخدام المواد البلاستيكية
عدّ المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام من أكبر مصادر التلوث خلال موسم الحج. ملايين الأكواب والأكياس تُستخدم ثم تُرمى، مما يؤدي إلى تراكم كميات هائلة من النفايات. يمكن لكل حاج أن يحمل زجاجة ماء قابلة لإعادة التعبئة، وأدوات طعام شخصية مثل ملاعق وشوك مصنوعة من مواد صديقة للبيئة، وأكياس قماشية بدلًا من الأكياس البلاستيكية. كما يُفضل شراء المنتجات المغلفة بورق أو مواد قابلة للتحلل البيولوجي.
اختيار وسائل النقل الجماعي
النقل الجماعي، مثل القطارات الحديثة التي تربط المشاعر المقدسة أو الحافلات المخصصة للحجاج، يُعد خيارًا مثاليًا لتقليل انبعاثات الكربون، بالإضافة إلى تخفيف الازدحام المروري الذي يشهده الحج سنويًا. كذلك، يشجع الكثيرون على استخدام الدراجات الهوائية الصغيرة داخلن طاقات معينة إن أمكن. والمشي عند الإمكان ليس فقط وسيلة للتنقل بل هو أيضًا عبادة إضافية واتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يحب المشي.
الاقتصاد في استهلاك المياه والطاقة
مع ارتفاع درجات الحرارة في مكة المكرمة، يميل كثيرون إلى الإفراط في استهلاك الماء والكهرباء. من المهم أن يحرص الحاج على استخدام المياه للوضوء والاغتسال بشكل معتدل، وعدم ترك الصنابير مفتوحة دون داعٍ. ثم أن استخدام المصابيح الموفرة للطاقة، وضبط أجهزة التكييف على درجات حرارة معتدلة، يسهم بشكل كبير في تقليل الحمل على الشبكات الكهربائية.
إدارة النفايات بشكل مسؤول
النفايات المتراكمة خلال موسم الحج قد تضر بالحيوانات، وتلوث الهواء والماء. لذا، على كل حاج أن يحمل كيسًا خاصًا لجمع نفاياته الشخصية، ويلتزم برميها في الأماكن المخصصة لذلك، مع محاولة فصل المخلفات القابلة لإعادة التدوير إن أمكن. إن تصرفًا بسيطًا مثل التقاط القمامة من الطريق وإلقائها في المكان المناسب يعد عملًا صالحًا وأجره عظيم.
دعم المبادرات البيئية
هناك العديد من الحملات والمبادرات التي تهدف إلى جعل الحج أكثر استدامة، مثل مبادرات توزيع أدوات طعام صديقة للبيئة، أو حملات لزراعة الأشجار في مكة والمشاعر المقدسة بعد موسم الحج. دعم هذه الجهود سواء بالمشاركة المباشرة أو بنشر التوعية بين الزملاء يسهم في توسيع أثرها الإيجابي. ثم أن بعض الجهات توفر شهادات مشاركة تطوعية يمكن أن تحفز الحجاج على الانخراط بفاعلية.

A vast majority of Hajj pilgrims are not aware of the innate nature of environmentalism within Islam.
النية الصالحة والاقتداء بسنة النبي (ﷺ)
الرسول ﷺ كان قدوة في الاعتدال والرفق بالطبيعة. فقد نهى عن الإسراف، وأمر بإماطة الأذى عن الطريق. فلتكن نيتنا في كل تصرف في أثناء الحج أن نرضي الله تعالى، وأن نكون رحماء بالأرض ومن عليها. استحضار هذه النية عند كل عمل صغير – مثل رمي القمامة في مكانها أو خفض استهلاك الماء – يحول الأفعال البيئية البسيطة إلى عبادات عظيمة.نشر الوعي بين الحجاج الآخرين بلطف وأسلوب حسن حول أهمية السلوك البيئي.
الحج فرصة عظيمة ليس فقط للتقرب إلى الله، بل أيضًا لتجسيد قيم الإسلام الرفيعة في العناية بالكون. لنجعل من حجنا هذا العام رحلة إيمانية وروحية، وفي الوقت ذاته، رسالة حب وسلام للأرض الذي ائتمننا الله عليها. إن حماية البيئة خلال موسم الحج واجب ديني وأخلاقي، يجمع بين طاعة الله والإحسان إلى خلقه.