النفايات البحرية

بدأت قضية النفايات البحرية في وقتنا الحالي بإكتساب بعض الإهتمام بعد أن كانت قضية مهملة لفترة طويلة من الزمن. تتكون النفايات البحرية من خليط متنوع من المواد ذات المصادر المختلفة وعليه فإن استخدام طريقة واحدة للتعامل معها لا يوفر حلول فعالة لهذه القضية.من أبرز الأمثلة للمخلفات البحرية الأكثر شيوعاً: معدات الصيد سواء المتروكة أو المراد التخلص منها أو الضائعة من أصحابها، ومواد التعبئة والتغليف البلاستيكية (من زجاجات واغطية واكياس تسوق… الخ) بالإضافة لمواد التصنيع الأولية للبلاستك. إن تقيم الجدوى الاقتصادية للتعامل مع هذه القضية من خلال جمع هذه المواد من البحار للتخلص منها، مقارنة بكلفة منع إلقاء المخلفات في المقام الأول يكشف عن وجود فجوة مقلقة عند التعامل مع هذه المشكلة.

حجم المشكلة

تعتبر معدات الصيد المهجورة والمراد التخلص منها أو الضائعة من أصحابها من أكثر النفايات البحرية المتسببة في الضرر حيث أن هذه المعدات تستمر بالإضرار ببيئة المحيطات وحجز حرية الحيوانات البحرية والقضاء عليها حتى بعد أن ينتهي عمر المعدات الافتراضي. تتواجد شبكات الصيد بأعداد كبيرة وخصوصاً في المناطق المتعارف عليها للصيد مما يجعل إمكانية التعامل معها والتخلص منها ممكن ولكن وحتى في هذه المواقع الساخنة فإن هذه الجهود تعتير مكلفة وتقع على عاتق جهة من خارج القطاع (Third Sector).

إن وضع خطة ذات كفاءة وجدوى (من حيث التكلفة والدعم المقدم من مرافق المرفأ والشاطئ) للعمل على جمع الشبكات وإعادة تدوير التالف منها وتمويل جهود استرداد العناصر المتبقية يجب أن لا يكون على حساب الجهود المبذولة لمنع التخلص من معدات الصيد كنفايات في البحار.

يعتقد أن 80٪ من النفايات البحرية ذات منشأ أرضي ويبدو واضحاً أن هنالك تدفق مستمر للمواد والعناصر بين البيئات الأرضية والبحرية، حيث من الممكن أن تتسبب الفيضانات في زيادة تدفق النفايات من الأنهار إلى البحار. وفي حين تتسبب العواصف في تحريك وإثارة المحيط الأمر الذي يؤدي إلى ظهور النفايات في كميات أكبر من المعتاد على الشواطئ من المحيط.

السيطرة على المشكلة

تعتبر مواد التعبئة والتغليف البلاستيكية واحدة من أكثر المواد تواجداً ضمن النفايات البحرية ولها آثارها الخطيرة على الحياة البرية البحرية؛ فمن الشائع أن تقوم الطيور باستهلاك كميات كبيرة من أغطية الزجاجات والعلب بلاستيكية معتقدة أنه غذاء، كما يشيع استهلاك السلاحف البحرية لأكياس البلاستك معتقدة أنه قنديل البحر(Jellyfish). وقد تم تسجيل الكثير من حالات الضرر من زجاجات المشروبات البلاستيكية حيث تتسبب بحبس وتشوهات لكثير من الكائنات البحرية. 

وتمتد هذه المشكلة وآثارها إلى أبعد من ذلك؛ حيث أن تحلل البلاستيك إلى جزيئات صغيرة يتيح الفرصة لاستهلاكها كغذاء من قبل الكائنات الحية الصغيرة وقد اثبتت الدراسات الحديثة أن العوالق (Plankton)  تستهلكها مما يؤدي لدخولها إلى السلسة الغذائية ووصولها لأجسامنا عن طريق استهلاكنا للأسماك التي يتواجد البلاستك فعلياً في أنسجتها.

رغم الضجة الاعلامية حول المخططات الفاعلة لتنظيف دوامات المحيط في غضون خمس سنوات، فإن تحلل المواد يجعل جمعها واستردادها تقريباً مستحيل. قد يكون وزن جزيئات النفايات البحرية البلاستيكة في المناطق ذات التركيز العالي اكبر من وزن العوالق (Plankton) بنسبة 6:1 ولكن عمليات التنظيف من سطح المحيط على نطاق واسع سوف تعمل أيضا على حصاد أعداد كبيرة من العوالق النباتية والحيوانية والعديد من الكائنات الحية الأخرى التي تعيش هناك.

تعيش الغالبية العظمى من الكائنات البحرية قرب السطح ولذا فعلينا القلق من خطر الإخلال بالتوازن في  في السلسلة الغذائية البحرية ككل، فنحن لا نريد التخلص من صغار العوالق مع كميات المياه المزالة نتيجة تلوثها بجزيئات البلاستيك. في حين أن جهود جمع النفايات قد تكون قادرة على إزالة كميات من مواد  التغليف البلاستيكة، خاصةً ذات الحجم الكبير، إلا أن هذه الطريقة لا يمكن أن تكون فاعلة في التعامل مع كافة الأنواع ولا نستطيع اعتمادها كحل لمشكلة النفايات البحرية.

إن التحدي الحقيقي يكمن في منع وصول النفايات في المقام الأول إلى المحيط وليس في تنظيفها بعد أن تكون قد تسببت بالضرر. أثبتت إجراءات فرض الرسوم على استخدام الأكياس البلاستيكية وبرامج الحوافز المالية فاعليتها في الحد من كميات النفايات على اليابسة وبالتالي المساعدة في التقليل من وصولها للبحار والمحيطات.

الجهود المستقبلية

لا يوجد في الطبيعة تفاعلات فعّالة تعمل على إزالة وتحليل النفايات البحرية، وهذا يتلازم مع زيادة مستمرة بشكل كبير في تدفق النفايات إلى المحيطات ويتفوق على أي وسيلة بشرية للتعامل معها. إن الطريقة الوحيدة لمعالجة هذه القضية هو بالحظر والمنع لعمليات طرح النفايات في المقام الأول وتفعيل التدابير الموجودة لمنع التلوث عند المصدر.

إن من أبرز الأمثلة على هذه الإجراءات والتي أصبحت حالياً منشرة على نطاق واسع؛ هو فرض رسوم على أكياس النقل أحادية الإستخدام، بالإضافة للترويج لإجراءات لا تزال غير منتشرة على نطاق جغرافي واسع مثل برامج الرديات للمستهلكين (كنوع من الحوافز المالية) والعمل على إستهداف عدد أكبر من مواد التعبئة والتغليف ضمن هذه البرامج.

 

ترجمة: ربى عجور

مختص رئيسي في مركز دراسات البيئة والمياه

الجمعية العلمية الملكية-الاردن

author avatar
Salman Zafar
Salman Zafar is the Founder and Editor-in-Chief of EcoMENA. He is a consultant, ecopreneur and journalist with expertise across in waste management, renewable energy, environment protection and sustainable development. Salman has successfully accomplished a wide range of projects in the areas of biomass energy, biogas, waste-to-energy, recycling and waste management. He has participated in numerous conferences and workshops as chairman, session chair, keynote speaker and panelist. He is proactively engaged in creating mass awareness on renewable energy, waste management and environmental sustainability across the globe Salman Zafar can be reached at salman@ecomena.org
Tagged , , , , , , , , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Salman Zafar

Salman Zafar is the Founder and Editor-in-Chief of EcoMENA. He is a consultant, ecopreneur and journalist with expertise across in waste management, renewable energy, environment protection and sustainable development. Salman has successfully accomplished a wide range of projects in the areas of biomass energy, biogas, waste-to-energy, recycling and waste management. He has participated in numerous conferences and workshops as chairman, session chair, keynote speaker and panelist. He is proactively engaged in creating mass awareness on renewable energy, waste management and environmental sustainability across the globe Salman Zafar can be reached at salman@ecomena.org

Share your Thoughts

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.