الطاقة الحيوية ووعدها

الكتلة الحيوية هي المادة المستمدة من النباتات التي تستخدم ضوء الشمس للنمو، وتشمل المواد النباتية والحيوانية مثل الخشب من الغابات، والمواد المتبقية من العمليات الزراعية والحراجية، والنفايات الصناعية العضوية والبشرية والحيوانية. تأتي الكتلة الحيوية من مصادر متنوعة بما في ذلك الخشب من الغابات الطبيعية، ومخلفات الزراعة، والنفايات الزراعية الصناعية، وروث الحيوانات، والنفايات الصناعية العضوية، والنفايات الصلبة البلدية، وحُرَث مياه الصرف الصحي، وغيرها. عندما تُترك الكتلة الحيوية على الأرض تتفكك على مدى طويلة، مطلقة ثاني أكسيد الكربون ومخزونها من الطاقة ببطء؛ حين عند حرقها يُطلق هذا المخزون بسرعة وغالبًا بطريقة مفيدة.

why use biomass for sustainability

خيارات التكنولوجيا

يمكن تحويل موارد الكتلة الحيوية إلى طاقة نظيفة و/أو وقود باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات، بما في ذلك التقنيات الحرارية والبيوكيميائية. وبالإضافة إلى استعادة الطاقة، يمكن لهذه التقنيات أن تؤدي إلى تقليل كبير في كميات النفايات الإجمالية التي تحتاج إلى التخلص النهائي منها.

فيمًا يتعلق بالتقنيات الحرارية، يمكن تحويل الكتلة الحيوية إلى طاقة من طريق الاحتراق البسيط، أو الاحتراق المشترك مع وقود آخر، أو ببعض العمليات الوسيطة مثل التغويز والتحلل الحراري. ويمكن أن تكون الطاقة المنتجة عبارة عن غازات ذات قيمة حرارية عالية، أو طاقة كهربائية، أو حرارة، أو كلاهما (الحرارة والكهرباء معًا). وتكمن مِيزة استخدام الحرارة بالإضافة إلى أو بدلًا من الطاقة الكهربائية في تحسين كفاءة التحويل بشكل ملحوظ – حيث تبلغ الكفاءة النموذجية لتوليد الكهرباء حوالي 30%، بينما يمكن أن ترتفع الكفاءة إلى أكثر من 85% عند استخدام الحرارة.

كما يمكن للعمليات البيوكيميائية، مثل الهضم اللاهوائي، أن تنتج طاقة نظيفة على شكل غاز حيوي يمكن تحويله إلى طاقة كهربائية وحرارية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تنتج الكتلة الحيوية وقودًا سائلًا، مثل الإيثانول الحيوي أو وقود الديزل الحيوي، الذي يمكن استخدامه بديل للوقود المستند إلى البِترول. كما تظهر الكتلة الحيوية الطحلبية كمصدر جيد للطاقة، لأنها يمكن أن تكون مصدرًا طبيعيًا للزيت، الذي يمكن للمصافي التقليدية تحويله إلى وقود طائرات أو وقود ديزل.

تطبيقات الطاقة الحيوية

تتميز تقنيات الطاقة الحيوية بالمرونة الكافية، حيث يمكن تطبيقها على نطاق صغير ومحلّي بشكل أساسي لتوفير الحرارة، أو يمكن استخدامها في توليد طاقة كهربائية ضخمة كأساس لتحميل الشبكة، مع إنتاج الحرارة أيضًا. وبذلك يمكن تكييف توليد الطاقة الحيوية لتناسب البيئات الريفية أو الحضرية، وتوظيفها في التطبيقات المنزلية أو التجارية أو الصناعية.

تُقلل عملية تحويل الكتلة الحيوية من انبعاثات غازات الدفيئة بطريقتين: أولًا، يتم توليد الحرارة والطاقة الكهربائية مما يقلل من الاعتماد على محطات توليد الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري؛ وثانيًا، يتم تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل ملحوظ عن طريق منع انبعاثات الميثان من مكبات النفايات. علاوة على ذلك، فإن محطات الطاقة الحيوية ذات كفاءة عالية في استغلال مصادر الطاقة غير المستغلة من نفايات الكتلة الحيوية.

الفوائد الرئيسية للطاقة الحيوية

توفر أنظمة الطاقة الحيوية إمكانات كبيرة لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة بفضل قدرتها الهائلة على استبدال الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة. إذ تقلل الكتلة الحيوية من الانبعاثات وتعزز احتجاز الكربون، حيث تعمل المحاصيل ذات الدورات القصيرة أو الغابات التي تُزرع على الأراضي الزراعية المهجورة على تراكم الكربون في التربة.

biogas plant working principle

عادةً ما توفر الطاقة الحيوية تأثيرًا تخفيفيًا لا رجعة فيه عن طريق تقليل ثاني أكسيد الكربون من المصدر، إلا أنها قد تنتج المزيد من الكربون لكل وحدة طاقة مقارنة بالوقود الأحفوري ما لم يتم إنتاج وقود الكتلة الحيوية بطريقة مستدامة. ويمكن للكتلة الحيوية أن يؤدّي دورًا رئيسيًا في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة استخدام الوقود المستند إلى الكتلة الحيوية ستكون ذات أهمية كبيرة في حماية البيئة، وتوفير فرص عمل جديدة، وتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الصحة في المناطق الريفية. ويمكن أن تساهم الطاقة الحيوية في تحديث الاقتصاد الزراعي.

عند مقارنتها بالطاقة الريحية والشمسية، فإن محطات الطاقة الحيوية قادرة على توفير توليد أساسي حاسم وموثوق. وتوفر هذه المحطات تنوعًا في مصادر الوقود، مما يحمي المجتمعات من تقلبات الوقود الأحفوري. وبما أن الطاقة الحيوية تستخدم وقودًا منتجًا محليًا، فإنها تقلل بشكل كبير من اعتمادنا على مصادر الطاقة الأجنبية وتعزز الأمن الطاقي الوطني.

الاتجاهات العالمية

أصبحت الطاقة الحيوية بسرعة جزءًا حيويًا من مزيج الطاقة المتجددة العالمي وتمثل حصة متزايدة باستمرار من الطاقة الكهربائية المضافة عالميًا. وفقًا لتقرير حديث صادر عن برنامَج الأمم المتحدة للبيئة، تجاوز إجمالي القدرة على توليد الطاقة المتجددة في العالم 3870 جيجاوات في عام 2023. وتوفر الطاقة المتجددة حوالي خُمس الاستهلاك النهائي للطاقة عالميًا، بما في تلك الكتلة الحيوية التقليدية، والطاقة الكهرومائية الكبيرة، ومصادر الطاقة المتجددة “الجديدة” (الكهرومائية الصغيرة، والكتلة الحيوية الحديثة، والرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية، والوقود الحيوي).

تمثل الكتلة الحيوية التقليدية، المستخدمة بشكل رئيس في الطهي والتدفئة، حوالي 13% وتنمو ببطء أو حتى تتراجع في بعض المناطق حيث تُستخدم الكتلة الحيوية بشكل أكثر كفاءة أو تُستبدل بأشكال طاقة أكثر حداثة. وتشير بعض التوقعات الحديثة إلى أن الطاقة الحيوية قد تشكل ثلث مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2050. وفي الواقع، يوفر الوقود الحيوي أكثر من 3% من وقود النقل العالمي.

ترجمة: عبدالله فيصل السلامة

طالب وطموح يسعى لتحقيق التميز في مسيرته الأكاديمية والمهنية. يتقن اللغتين العربية والإنجليزية. يتميز بشغفه الدائم لاكتساب المعرفة وتطوير مهاراته في مختلف المجالات.

Note: The English version of the article is available at this link.

Tagged , , , , , , , , . Bookmark the permalink.

About Salman Zafar

Salman Zafar is the Founder and Editor-in-Chief of EcoMENA. He is a consultant, ecopreneur and journalist with expertise across in waste management, renewable energy, environment protection and sustainable development. Salman has successfully accomplished a wide range of projects in the areas of biomass energy, biogas, waste-to-energy, recycling and waste management. He has participated in numerous conferences and workshops as chairman, session chair, keynote speaker and panelist. He is proactively engaged in creating mass awareness on renewable energy, waste management and environmental sustainability across the globe Salman Zafar can be reached at salman@ecomena.org

Share your Thoughts

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.