حصاد أو تجميع مياه الأمطار ليس بمفهوم جديد. ويعني ببساطة تجميع المياه في المناطق التي تتمتع بانهمار مطري متكرر ومنتظم حول العالم، حيث تخزن كميات المياه التي يتم تجميعها ليصار إلى استخدامها في وقت لاحق. عادة ما تجري المياه عبر أسطح المباني لتتجمع في خزانات مياه الأمطار. ويمارس هذا الأسلوب بشكل شائع في الأرياف للاستهلاك المحلي. كما يمكن تجميع المياه في السدود والخزانات لاستخدام المجتمعات على المدى البعيد.
يمكن بسهولة جمع مياه الأمطار في المدن والضواحي، من خلال توجيه التدفق عبر المزاريب ومن ثم إلى أماكن التخزين، ويمكن تصميم هذا الأسلوب للاستخدام المنزلي وتوسيع نطاقه لتطبيقات أكبر مثل الصناعة والزراعة. في الأماكن التي تعاني من شح المياه مثل منطقة الشرق الأوسط، يعتبر هذا الخيار ناجعا وجديرا بالاهتمام. وبحسب الاستخام المطلوب للمياه فإن الأمر قد يتطلب معالجة مياه الأمطار وتنقيتها. وسيتم التركيز في هذا المقال على جدوى الحصاد المائي.
مستقبل حصاد مياه الأمطار
حقيقة أننا نستخدم الكثير من الماء هو واقع في جميع أنحاء العالم. مع النمو السريع في عدد السكان وتأثير التغير المناخي، يستوجب علينا جميعًا كأفراد ومجتمعات أن نكون أكثر مسؤولية عندما يتعلق الأمر بكمية المياه التي نستخدمها أو نهدرها.
يجري الآن إعادة اختراع حصاد مياه الأمطار وخاصة في قطاع الإنشاءات. هناك تحرك واضح نحو المباني الخضراء والاستخدام المستدام للمياه في خطط التطوير الحضري . لقد أصبحنا معتادين على فتح صنبور المياه حيث تتدفق المياه النقية والصالحة للشرب. والحقيقة هي أن الماء مورد ثمين يتناقص بسرعة من حيث الوفرة والجودة.
إن رصد استخدام المياه وقياس كميات الأمطار تحتاج لأن تكون أكثر قوة من حيث توقعات الطلب على المياه على المدى الطويل. تحتاج إدارة الموارد المائية والطلب على المياه إلى التعامل مع السعات الحجمية للهطول المطري؛ كون هذه الأرقام أكثر قيمة وأهمية للتخطيط طويل المدى ولإدارة مواردنا المائية المحدودة والثمينة.
كما أن هنالك حاجة ماسة إلى طرق متكرة وخلاقة لحصاد الأمطار مثل الطرقات وأسطح الرصفة المنفِّذة ي والتي يمكن أن تغذي مباشرة مصادر المياه الرمادية البلدية، أو أن يتم تحويلها إلى مناطق التخزين. ينبغي تحسين تقبل العامة للمياه الرمادية وتعميمها على نطاق أوسع كخيار ناجع وآمن للمياه المستخدمة في أغراض غير الشرب، مثل: الري والنياجرا (مياه شطف المرحاض) وما إلى ذلك.. ومع المعالجة المناسبة يمكن أيضًا استخدامها في تبريد العمليات الصناعية.
فوائد حصاد مياه الأمطار
بمكن من خلال جمع مياه الأمطار بشكل مباشر أو غير مباشر، تقليل الاعتماد على مصادر المياه الجوفيه بشكل كبير. كما يمكن لمياه الأمطار المجمعة أن تشكل مصدرا لتجديد طبقات المياه الجوفية التي تم استهلاكها بالكامل بسبب الاستنزاف الشديد لموارد المياه الناتج عن الزيادة السكانية.
هذا علاوة على أن حصاد المياه هو أحد الطرق المتبعة لإدارة الفيضانات السطحية والتحكم بمياه الأمطار الغزيرة.
أما على الصعيد المنزلي فيمكن من خلال تجميع واستخدام مياه الأمطار تقليل قيمة فاتورة المياه المنزلية بشكل كبير حيث يمكن استخدام مياه الأمطار لري المساحات الخضراء وتنظيف الأسطح الخارجية.
ومن أهم الفوائد الناتجة عن حصاد مياه الأمطار::
- الكلفة المنخفضة.
- خالية من المواد الكيميائية في حالة وُجدت في أماكن طبيعية خالية من الأنشطة الصناعية.
- تؤدي إلى تعزيز الأمن الغذائي من خلال خفض كلفة ري المحاصيل.
- تقلل الطلب على البنية التحتية المقدمة من الحكومات والبلديات من حيث توفير مصادر المياه.
- مساعدة المزارعين على زيادة الدخل وتقليل النفقات اللازمة للزراعة.
- تقليل تآكل التربة بفعل الرياح وما إلى ذلك من استنزاف التربة في المناطق الزراعية.
- تقليل التدفق السطحي (الناتج عن زيادة هطول الأمطار على الأراضي) والتلوث الناتج عن التربة في المرات المائية م.
- تقليل تلوث المياه الناتج عن الممارسات الزراعية. حيث تشق المواد الكيميائية (الأسمدة والمبيدات) طريقها إلى المجاري المائية والتي يمكن أن تؤدي بعد ذلك إلى زيادة المغذيات في المياه وبالتالي التأثير على جودتها. .
أكبر فائدة عائدة من جمع مياه الأمطار هي أنها تقلل من نطاق الفيضانات (وليس خطرها)، خاصة خلال موسم الأمطار، هذا إذا كانت هناك بنية تحتية كافية لالتقاط وتحويل وتخزين مياه الأمطار. حتى وإن لم تتمتع المنطقة بانهمار مطري كثيف، فإن الأمطار الغزيرة التي يمكن أن تهطل بشكل دوري قد تتسبب في حدوث فيضانات شديدة. لذلك، من حيث الحجم، فإنه من الأهمية بمكان دراسة إمكانيات الحصاد المائي لا سيما في المناطق التي تعاني من شح المياه مثل ي مملكة البحرين.
حصاد مياه الأمطار في البحرين
يتم إجراء هذه الدراسة الطموحة في مملكة البحرين لتقييم جدوى حصاد الأمطار مع إمكانية إعادة تغذية المناطق الاحتياطية للمياه الجوفية. حيث يعد هذا التحقيق عنصرًا مهمًا في الاستراتيجية الوطنية للمياه التي بدأت عام 2017 وستقوم الدراسة بتقييم الخيارات الحيوية للاستفادة من هطول مياه الأمطار عند حدوثه. إن هطول الأمطار ليس حدثا عاديًا أو سنويًا كون البحرين منطقة جافة للغاية ومن المناطق التي تعاني ندرة في المياه على مستوى العالم.
ومن العوامل التي حفزت المباشرة في مثل هذه الدراسة، سقوط المطر الغزير الذي واجهته المملكة شتاء عام 2017 عندما مرت بفيضانات شديدة في جميع أنحاء المملكة. تعد الاستراتيجية الوطنية للمياه أحد مكونات الاستراتيجية الإقليمية، وهي استراتيجية موحدة للمياه في دول مجلس التعاون الخليجي للفترة الزمنية 1996-2035.
إن الهدف العام هو إدارة أي مياه متوفرة، رغم أنها تهطل على فترات.
وهي محاولة للحفاظ على المياه وإدارتها بكفاءة قدر الإمكان، على ضوء معرفة قيمة هذه المياه وشح مواردها. إن الحاجة الملحة إلى نظام كفؤ لإدارة مياه الأمطار تزداد تسارعا نتيجة النمو السكاني في المنطقة والذي يتم التعامل معه فقط من خلال تحلية مياه البحر
إن هطول الأمطار على الجزيرة متفاوت للغاية ومتقطع من حيث الزمان والمكان. كما أن عدم الانتظام في سقوط الأمطار مقرونا بمعدل التبخر المرتفع للغاية يعتبر تحديا كبيرا. إلا أنه ومع الهطول المطري شديد التطرف نتيجة التغيرات المناخية، فإن ذلك التحدي يولد إمكانية لتنفيذ طرق مستدامة.
إذا كانت نتائج الدراسة مواتية؛ فإن ذلك سيساعد في تخفيف العبء عن البلديات وكذلك تقليل الطلب على محطات تحلية مياه البحر. وثمة بديل آخر قابل للتطبيق هو رفع كفاءة وتكثيف إعادة استخدام المياه الرمادية.
الخلاصة
إن القوى الدافعة خلف اعتبار تجميع مياه الأمطار خيارا هي الزيادة المتسارعة في عدد السكان حول العالم، والحاجة إلى المزيد من محطات تحلية مياه البحر، ومخاوف الأمن الغذائي، والاستنفاذ السريع لمصادر المياه العذبة-
Pingback: أسلوب حياة أخضر | EcoMENA
Pingback: لبنان وتغير المناخ | EcoMENA
Pingback: حصاد مياه الأمطار - كاف