القيمة الأخلاقية للقيم الرمضانية في العلاقة مع النظم البيئية المحور الذي جرى تسليط الضوء على بعده في بناء الثقافة الرشيدة في المفاهيم البيئية للمجتمع، في المحاضرة التي قدمناها في مجلس سعيد تقي الرمضاني بتاريخ الثلاثاء 14 مايو 2019 ضمن برنامج المجالس الرمضانية البيئية الذي تنظمه بلدية المنطقة الشمالية.
السلوك كقيمة أخلاقية في منظومة القيم الرمضانية، من المحاور المهمة في المحاضرة، ويمثل موضوع حيوي يشير الى ثوابت الاخلاق كقيمة وضرورة في بناء مسؤولية الفرد والمجتمع في الالتزام بالممارسات السديدة والرشيدة مع ما يحيط بهما من معالم طبيعية ومع من يتقاسمون معهم خصوصية ذلك المحيط، ويدخل في هذا السياق الأحياء بمختلف انواعها، والمجتمع الذي يعيش في وسط ذلك المحيط، ويمثل الانسان العنصر الرئيس في هذه المنظومة الى جانب التنوع الاحيائي والنباتي المصدر الحيوي لمعيشة وحياة الانسان، هنا يمكن القول ان القيمة الاخلاقية للسلوك في جوهر القيم الرمضانية تنطلق من المقومات التي تؤكد ضرورة تجنب الممارسات المسيئة بمختلف اشكالها، والابتعاد عن الممارسات المؤذية وذات الأثر السلبي على المصالح في بعدها الشامل ،وتبني الثقافة المسؤولة في صون حقوق ومصالح الفئات التي تعيش في محيطك البيئي.
ان المرتكزات والمؤشرات المشار اليها تنقلنا الى واقع آخر وتؤكد على ضرورة مقاربة ذلك مع محددات مهمة لتبين واقعية القيم الرمضانية في الممارسة العملية للسلوك الفردي والاجتماعي وتتمثل في السلوك غير الرشيد في العلاقة مع النظم البيئية المتمثلة في الاسراف والتبذير في شراء الموارد، والبهرجة في تنظيم الولائم الرمضانية، والاستغلال غير الرشيد للموارد البيئية، وتدمير الموائل والثروات البحرية، ورمي المخلفات المنزلية في الطرقات وعلى السواحل وفي الامكان العامة، والتعدي على الحق البيئي للمجتمع، والتسبب في زيادة مستوى المخلفات العضوية الناجمة من المخلفات الغذائية الفائضة عن الحاجة، واطلاق الانبعاثات الضارة بالبيئة وصحة الانسان، وزيادة الاعباء المالية في عملية التخلص من المخلفات.
الآثار السلبية للسلوك غير الرشيد على الوقع البيئي والمعيشي والصحي للمجتمع ظاهرة ملموسة وتتمثل في تلويث المحيط البيئي للانسان، وتدهور الموارد البيئية المصدر الحيوي لمعيشة الانسان، والاخلال بالتوازن البيئي والتسبب في الاخلال بالامن البيئي للانسان، والتسبب في الاضرار بالمصالح الصحية والمعيشية للمجتمع، وذلك في حاجة الى تبين القيمة الأخلاقية للسلوك الرشيد في معادلة صون معالم النظم البيئية، وتتمثل تلك القيمة في الالتزام بالقيم الرمضانية المرتكز على ثوابت المسؤولية التي تمثل جوهر القيم الاخلاقية وهي الضمانة الاكيدة في صون معالم النظم البيئية ويبرز ذلك في الجهود الموجهة لتحسين الممارسات البشرية في استغلال الموارد البيئية، والانشطة الموجهة لتعديل المفاهيم غير الرشيد في العلاقة مع المعالم البيئية، واعداد الدراسات المؤسسة علمياً المرتكزة على المعايير البيئية في تنفيد المشاريع التي تراعي وتصون المصالح البيئية للانسان.
ان معالجة الخلل في مفاهيم السلوك البيئي للمجتمع يتطلب بناء ثقافة السلوك الاخلاقي في العلاقة معالم النظام البيئي، والانسان بطببعته يميل الى تبني المنهج الذي يوفر له الظروف الملائمة للمعيشة الآمنة، لذلك ينبذ الممارسات التي تتسبب في الاخلال بأمنه البيئي والحياتي، هنا يمكن الاشارة الى عنصران رئيسان مختلفان في مضمونهما وطبيعتهما ويمثلان مدخلاً لبناء ثقافة السلوك الاخلاقي في العلاقة مع معالم النظام البيئي وتتمثل تلك العناصر في المخاطر وحالات القلق التي يعيشها الانسان بفعل التدهور البيئي، والمنافع التي يجنيها الانسان الصحية والمعيشية نتيجة الالتزام بقيم العلاقة الرشيدة مع معالم النظام البيئي.
زبدة القول تقويم السلوك الاجتماعي في العلاقة مع معالم النظام البيئي تشير الى ضرورة توفر الأدوات التي يمكن ان تساهم في تغيير مفاهيم العلاقة مع النظم البيئية ونرى انها تتمثل في المنبر الديني، والمنبر الاعلامي، والتربية المدرسية بالتوافق مع التربية الاسرية، والمؤسسات الاهلية، والمسؤولية الادارية والقانونية، والرقابة وفرض المخالفات، وتلك الادوات تمثل منظومة متداخلة المهام والوظائف، وفي حالة إعتمادها والأخذ بها يمكن إحداث تحول نوعي في المفاهيم البيئية للمجتمع وتحسين السلوك الاجتماعي في العلاقة مع النظام البيئي.