تتجه الأنظار حاليآ إلى مشاريع الطاقة المتجددة في أنحاء العالم, و ذلك نظرآ لأهميتها في تقليل الإنبعاثات الغازية الضارة بالبيئة. إنطلاقآ من ذلك, تسعى دول مجلس التعاون الخليجي جاهدة في الإستثمار والتطوير في هذا المجال. فمن المؤكد أن هذا التوجه سيحد بشكل رئيسي من إرتفاع نسب الإستهلاك المحلي للطاقة من جهة, و لضمان الإستقرار الإقتصادي و الذي سيدفع بعجلة التطور في قطاع الطاقة النظيفة ودعمها بالتقنية اللازمة و الأبحاث المبتكرة من جهة أخرى. فمن المتوقع أن تشهد منطقة الخليج من مدينة أبوظبي إلى مدينة الرياض مشاريع ذات جودة عالية في تنويع مصادر الطاقة بشكل عام.
لمحة عن المشاريع الحالية
تبوأت مشاريع الطاقة المتجددة صدارة أجندة سياسات دول مجلس التعاون الخليجي, كجزء لا يتجزأ من خطط التنمية المستدامة المستقبلية في المنطقة.و التي ستشهد أكبر نمو في هذا المجال عالميآ, حيث سجلت تطبيقات الطاقة الشمسية حيزآ كبيرآ من هذا الإهتمام, أكبر مثال حي على ذلك هو مدينة مصدر في دولة الإمارات العربية المتحدة. تعتبر مصدر مشروع ريادي ساطع في عالم الطاقة الشمسية من حيث السعة, التقنية و الطاقة الإنتاجية. و تعد بذلك منارآ لتطبيق نهج التنمية المستدامة عبر قنوات عدة مثل: التعليم, الإستثمار في مشاريع البحث و التطوير, و أيضآ في تسويق مثل هذه المبادرات الرامية إلى تطوير تقنيات في هذا القطاع الحيوي. بالطبع خلقت مصدر بيئة تحفيزية لإنشاء مبادرات من شأنها تصميم قطاع إقتصادي متكامل قائم على الطاقة المتجددة, مما يؤهلها للتصدي بفعالية للتحديات البيئية الحالية.
بعد تطلع دول الخليج الجدي في تبني مشاريع الطاقة النظيفة, و بالرغم من وجود مشاريع منفذة مسبقآ في هذا القطاع إلى أن نسب الإستهلاك المحلي في المنطقة تسجل نموآ مقلقآ أعلى من السابق. أحد الأسباب المرجحة في هذا التزايد هو خفض أسعار الوقود المحلي الذي ينشئ إعتماد كلي في هذه الدول على نهج صناعة حرق الوقود, الباعثة للغازات الدفيئة. لذلك تعكف المملكة العربية السعودية حاليآ على إحتضان مشاريع في الطاقة الشمسية قدرت بأحد المشاريع الواعدة من حيث الطاقة الإستيعابية والإنتاجية. ومن المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في تغطية إحتياج ما يقارب ثلث الإستهلاك المحلي في قطاع الكهرباء بحلول عام 2032. هناك أيضآ بلدان أخرى مقبلة على تجارب في الطاقة البديلة مماثلة للتجربة السعودية. في الإمارات العربية المتحدة ( وفي الهند أيضآ) توجد جهود سارية من الحكومة على قدم وساق لتوحيد الجهود نحو بناء سوق قائم على بدائل لحرق الوقود و يساهم في إكتفاء محلي من الطاقة المتجددة.
تصعيد وتيرة مشاريع الطاقة المتجددة
نتيجة لإدراك دول التعاون الخليجي حجم المخاوف البيئية, و عكفها على تنفيذ مبادرات في الطاقة المتجددة, فمن الجدير بالذكر أنه لا يوجد أي ضير من الإستثمار في إيرادات النفط لتحقيق أهداف أسمى, طالما هناك سياسات و قوانين تنظيمية حازمة في بنائها. و في عدم ورود أي رؤية مستقبلية واضحة لمشاركة القطاع الخاص والمستثمرين في صناعة الطاقة المتجددة, يعزى ذلك إلى ضعف أو غياب إستراتيجية منهجية تدعم إستثمارات من جهات غير حكومية. فبذلك ستحد جهود تقليل إنبعاثات الغازات الدفيئة,و ستواجه دول الخليج نموآ بطيئآ لإستدامة بيئية في المنطقة.
فمن أجل ضمان مستقبل الطاقة المتجددة في المنطقة, هناك عدة مبادرات يجب تقديمها و التي من شانها بناء مشاريع ناجحة في هذا المجال, و تشمل:
- تمكين سياسات لوضع شبكة متكاملة تغطي جميع الثغرات بين قدرات الطاقة المتجددة و بين الخدمات المقدمة, الحوافز الداعمة, سلاسة عمل المرافق و أخيرآ ملائمة المساحة المستخدمة, الماء و البيئة المحيطة.
- وضع أحكام و نهج تنظيمية متعلقة بالوفاء للحد الأدنى من إتفاقية شراء الطاقة المتجددة,أسس واضحة لتسعير مختلف وسائل التقنية, أحكام للمتاجرة في الطاقة المتجددة, جدولة تشغيل المنشأة و أخيرآ فصل و إخلاء الطاقة.
- بناء سوق مساعد لضمان مواجهة التحديات الناجمة من إنقطاع سريان الطاقة إما في الطاقة الشمسية أو الرياح, و أيضآ ضمان قياس و معيار الطاقة, رموز الإتصال, الحماية…..الخ
فلبناء إحتياج و خلق سوق متعطش للطاقة المتجددة يجب نشأ تعاون مشترك بين ذوي المصلحة, و الذي من شأنه مواجهة جميع العقبات المرتبطة في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة, سواء من ناحية السياسات المتبعة, التقنيات المستخدمة و المنهجيات المدروسة على نطاق واسع. إن غياب إطار أو هيكل في إستراتيجية مشاريع الطاقة المتجددة قد يجعلها تواجه عقبات في التسعير, الوصل الداخلي, وأ يضآ في إتزان خلايا الطاقة. أكبر مثال يمكن ذكره هو مشروع “ديزيرتيك”,و الذي يمكن وصفه بأهم المشاريع طموحآ في قطاع الطاقة المتجددة. يرتكز هذا المشروع على إنتاج كم هائل من الطاقة الشمسية و طاقة الرياح في مناطق الشرق الأوسط و شمال أفريقيا, و نقلها إلى بعض أجزاء من أوروبا. بالطبع يحتاج هذا المشروع إلى سلاسة في خطوات التنفيذ بين الدول المشاركة و ذلك لضمان توسيع القدرات الإنتاجية و نجاح المشروع.
الخاتمة
من الصعب تجاهل فوائد مشاريع الطاقة المتجددة و التي تنعكس إيجابيآ سواء كان محلي أو عالمي على المجتمع, الإقتصاد و أيضآ على البيئة. وجود سياسات واضحة ضروري جدآ لتبني خطط في الطاقة النظيفة, تتضمن طاقة إستيعابية محدودة تنطوي في فحواها أهداف مميزة. في دول الخليج العربي ذات المجتمعات واسعة النطاق, يعد عدم إستخدام الطاقة بكفاءة في أعلى درجاته مقارنة بالمجتمعات الأخرى. الدعوات إلى تغيير النهج السلوكي الحالي في تواصل, أملآ في تغيير إيجابي شاسع نحو الإستدامة المنشودة في منطقة الخليج.
ترجمة: منيرة عبدالقادر,مؤسسة نقاء لحلول الإستدامة في المملكة العربية السعودية.
منيرة ناشطة بيئية و مدوَّنة في مواضيع متعلقة بالتنمية المستدامة و بتغيرات المناخ. وهي الممثل السعودي في حركة الشباب العربي لأجل المناخ, تهدف هذه الحركة على نشر التوعية بالوضع المناخي الحالي, و لنشر ثقافة الإستدامة البيئة في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. منيرة أيضآ مشارك متابع للمفاوضات الدولية ضمن إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ.
Pingback: الطاقة المتجددة في رؤية السعودية 2030 | EcoMENA