للمؤسسات المالية مثل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية دورا محوريا في تبني السياسات الرامية إلى تسريع التخلص من الانبعاثات الكربونية ودعم التنمية المستدامة، بالتوازي مع توفير الفرص الشاملة والتركيز على التحول الرقمي على مستوى العالم. كما تقوم هذه المؤسسات بدور رئيسي فى تعزيز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين الحكومات ومع الشركات الكبرى وأصحاب العلاقة المحليين. ويعمل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية بشكل وثيق مع الشركاء والمانحين الدوليين مثل: صناديق استثمار المناخ، والاتحاد الأوروبي، ومرفق البيئة العالمية، وصندوق المناخ الأخضر.
مساهمة البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية خلال الجائحة
المرحلة الأولى
شملت المرحلة الأولى تأمين التمويل للاهتمامات المباشرة مثل: الأجور، تسديد القروض، وتوفير استثمارات كافية لتعزيز البنية الأساسية الصحية على وجه السرعة. وقدم البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية “حزمة التضامن في مواجهة فيروس كورونا” والتي تضمنت:
- إطار المرونة للمصالح المالية قصيرة الأجل.
- إطار سريع لإعادة هيكلة الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.
- برنامج لدعم البنية الأساسية في القطاعات الحيوية.
المرحلة الثانية
دفعت مدة هذا الوباء وطبيعته ذات الأمد الطويل، المؤسسات التمويلية التنموية مثل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، إلى دمج التعافي والتنمية مع الاستدامة.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اتخذت الحكومات بشكل خاص قرارات حاسمة تؤدي إلى مستقبل أكثر مسؤولية من الناحية البيئية. قام قادة المنطقة بشكل واع باختيار توجه جماعي وهو أن لا مجال للتخلي عن الاستدامة لتحقيق المرونة اقتصادية.
الأزمة كفرصة؟
لقد وفر الحظر الداخلي واغلاق الحدود الدولية فرصة ممتازة، للمواهب والعلامات التجارية المحلية للازدهار والنمو الاقتصادي. عوضا عن توظيف واستيراد خبراء من الدول المجاورة للقيام بأعمال التقييم والبحث، أصبح ممكنا لشركات الهندسة والاستشارات المحلية توسيع نطاقها وبناء الخبرات.
ماذا بعد ذلك؟
تلتزم المؤسسات التمويلية مثل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية بمساعدة الشركاء وتوفير الحوافز التي تمكنهم من اتخاذ القرارات طويلة الأجل والتي تؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد والبيئة. ووفقا للإطار الهيكلي الجديد، “التحول إلى الاقتصاد الأخضر 2.1″، يعتزم البنك زيادة تمويله الأخضر إلى أكثر من ٥٠٪ من أعماله السنوية بحلول عام 2025.
- المشاركة في مشاريع الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح في الأردن، ومصر، والتي ساهمت بشكل فعال في خفض تكاليف الطاقة.
- زيادة التركيز على تحليل، وإعادة تأهيل مواقع طمر النفايات، وإنشاء محطات بلدية للنفايات الصلبة باستخدام المعالجة الميكانيكية الحيوية، واعتماد ممارسات أفضل في إدارة النفايات وإعادة تدويرها.
- إطلاق المزيد من المشاريع، مثل: إنشاء الخلية الإضافية في مكب الغباوي، وإنشاء نظام استخراج الغاز الحيوي في عمان، لتوليد الكهرباء من النفايات.
- تواصل تنظيم حملات توعية في الأردن، وسوريا؛ لرفع مستوى الوعي لدى الطلاب حول إدارة النفايات الصلبة من أجل بناء “شباب وَاعٍ بيئيا”.
- وتتضمن المرحلة التالية أيضا، زيادة قدرتها في الطاقة المتجددة من حيث التخزين من خلال الاستثمار في البنية التحتية اللازمة مثل الخلايا الضوئية، البطاريات، والمكثفات، وأنظمة التخزين الحرارية والكيميائية.
وقد مول البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية بالفعل أكثر من 2000 مشروع أخضر، ومول أكثر من 2.2 جيجاواط من قدرة الطاقة المتجددة، ويخطط البنك لزيادة هذه المشاريع بشكل كبير اعتبارا من عام 2020 فصاعدا. وحصلت أمانة عمان الكبرى على أكثر من ١٦٨ مليون دولار على شكل قروض لتحسين وتسريع إطار التنمية المستدامة فيها.
المدن كمحور التركيز
تعد المدن أكبر الشركاء في الاقتصاد الأخضر حيث تشكل أعلى مستويات لاستهلاك الطاقة وتوفر تنوعا واسعا لفرص الاستثمار الأخضر:
- تتمتع مدن الشرق الأوسط بوفرة من الموارد الطبيعية مثل: الرياح، والشمس، الأمر الذي يجعل من الطاقة المتجددة استثمارا مربحا.
- تقف المدن تقف على مفترق طرق، حيث يمكن العمل على جعلها أكثر كفاءة في استخدام الموارد المتجددة، والتخفيف من حدة تغير المناخ من دون المساس بالمكاسب الاقتصادية.
التنمية الشمولية خيار ممكن
في مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعاني القوى العاملة بشكل واضح بسبب عدم مشاركة الإناث. وقد أنشأت الحكومة المصرية، والمنتدى الاقتصادي العالمي “مسرعة أعمال إغلاق الفجوة بين الجنسين في مصر” في العام 2019، وهي الأولى من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ بهدف تعزيز تشغيل النساء، والحد من فجوات الأجور، والتأكد من وصول المزيد من النساء إلى مواقع قيادية في القطاعات الاقتصادية. منذ العام 2015، عندما أطلق البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية برنامج “النساء في الأعمال التجارية”، استثمر البنك الموارد المالية والدراية التكنولوجية في أكثر من ٦٠ ألف امرأة يتولين أو يملكن أعمالا تجارية صغيرة إلى متوسطة الحجم.
ترجمه: أحمد بسام حلمي إبراهيم
درس الهندسة الكهربائية في الجامعة الأردنية، والتحق بالتدريب العملي مع مختبر التصنيع الرقمي، وصندوق تشجيع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، حيث شارك في مشاريع ممولة بالشراكة مع عدد من الجهات الدولية مثل البنك الدولي، والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وفي تحليل البيانات لمشاريع كبيرة وللآلاف من أنظمة الطاقة المتجددة ضمن أكبر مشروع في مجال الطاقة المتجددة للاستخدامات المنزلية حيث استهدف أكثر من 40 ألف أسرة في الأردن. كما حصل أحمد على منحة دراسية: صانعي التغيير للشباب في الجامعة الإيطالية في سويسرا وشارك في برنامج MIT Media Lab RLA وعمل لعدة سنوات في مجتمعات تطوعية مثل مجتمع المهندسين الكهربائيين والالكترونيين، وله عدة مقالات في مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
Note: This article was originally published in English by egomonk on egomonk insights. The curator and host of this series is Ruba Al Zu’bi