لطالما استُخدمت الطبيعة لمنفعة الناس، الأمر الذي أفضى إلى استنزاف شديد للموارد الطبيعية. وبالرغم من التطورات التكنولوجية الهائلة التي يشهدها العالم، إلا أن الكوارث الناجمة عن التغير المناخي استمرت في التسارع. وها نحن نقترب من نهاية الإطار الزمني الذي وضعناه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، في الوقت الذي تزداد فيه فجوة الاستثمار اللازم لذلك عن 2.5 تريليون دولار أمريكي.
ما الذي يجب فعله؟
طورت شركة “ثري بي إل” منهجية أطلقت عليها اسم “شراكة العّامة مع الكوكب” والتي تحدد المبادئ والطرق التي تجعل من الكوكب وموارده شريكاً متكافئاً مع القطاع العام والذي يضم المؤسسات الحكومية الخاصّة والمجموعات المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية، أي بالأحرى مع العنصر البشري.
بعد استغلال البشرية على مدى أجيال متعاقبة لموارد الأرض من أجل المنافع الفردية، تسعى هذه الشراكة إلى تطوير اقتصاد دائري يعود بالنفع على جميع الأطراف وذو تأثير إيجابي على تجدد الطبيعة.
جدير بالذكر أن أول ورشة عمل حول “شراكة العّامة مع الكوكب” مانت قد عقدت في المملكة المغربية خلال المؤتمر الثاني والعشرين للأمم المتحدة حول تغير المناخ في العام 2016.
الطبيعة، لماذا؟
علّمتنا ممارسات القبائل الأصلية على مدى القرون، أن الطبيعة تتمتع بخصائص تجديد مذهلة وتصميمات معقدة وأنها تبقى – بحسب لينا العليمي – أعظم مبتكر ومهندس ومصمم. لذا، لابد من الإفادة من الموارد الطبيعية. فعلى الرغم من أن رأس المال الطبيعي ليس خطياً أو أحادي البعد، إلا أنه يقدر بـ 125 ترليون دولار أمريكي.
يسعى إطار العمل لـ “شراكة العّامة مع الكوكب” إلى الجمع ما بين التفكير المتعمق، والاستشارات الإدارية، وعلوم البيئة الروحانية؛ من خلال منهجية علمية لتمكين التعاون المتجدد بين البشر والعالم الطبيعي.
ومن الطرق التي اقترحتها شركة ” ثري بي إل “ للإفادة من الطبيعة في تعزيز الاقتصاد الدائري:
- مبادرة ” Cardboard to Caviar” التي تقوم على تغذية الديدان بنفايات الأسمدة العضوية (compost waste) ومن ثم يتغذى سمك الحفش على تلك الديدان قبل أن يتم جمع بيض هذا السمك (الكافيار).
- الشراكة مع الفطريات لمحاربة الجوع في العالم.
- الشراكة مع طيور الحمام لمراقبة تلوث الهواء.
- الشراكة مع الضفادع لجمع البيانات حول مؤشرات صحة المياه
ما هو دور القطاعات المختلفة؟
يمتلك كل قطاع من المؤسسات العامة والخاصة وغير الربحية مجموعة من نقاط القوة والضعف، لذا لا بد من تضافر الجهود وتنسيقها بحيث يتم الاستفادة من مهارات وخبرة جميع القطاعات، وبالتالي زيادة الكفاءة بدلا من أن يعمل كل قطاع على انفراد.
- يجب أن تقوم الصناعات والمؤسسات بتضمين الاستدامة كجزء من إطارها الاستراتيجي وآلية تحقيق الأرباح بدلاً من أن تكون إضافة ما بعد الربح.
- يمكن الاستفادة من خبرة القطاع الخاص في زيادة السرعة، والابتكار، والمعرفة العملية في إدارة العمليات.
- على الحكومات ان تعزز من التعاون الداخلي والخارجي لتقدير وتقييم وتسخير الموارد الموجودة دون إلحاق الضرر بالطبيعة.
- تكما ينبغي على الحكومات تحديد المتطلبات الدنيا التي تلزم جميع الجهات العامة والخاصة بتطوير خطة للتفاعل والتشارك مع أصحاب المصلحة.
- يستوجب الاعتراف والاحتفاء بجهود المؤسسات في هذا المجال لتشجيع الآخرين على الانضمام والمشاركة.
يمكن للحكومة منح الشركات التي تدعم وتمول المؤسسات غير الربحية العاملة في مجال الاستدامة، حوافز ضريبية مشجعة.
الخلاصة
أدى انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس للمناخ الى خلق فجوة اضافية تقدر ب 2 مليار دولار أمريكي في صندوق المناخ الأخضر – وفقا لما جاء في تقرير ستانفورد للابتكار المجتمعي. لم يعد بإمكاننا التركيز فقط على التنمية المتمحورة حول الإنسان. وباعتبارنا معيش في العقد الأخير لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ أصبح لزاما علينا أن نتحرك وبسرعة لتغيير التوجه السائد والمقترن بالجدوى قصيرة الأمد التي تركز على النمو الاقتصادي بغض النظر عن الكلف المستقبلية المترتبة عليه . على الاستثمار المؤسسي من القطاع الخاص أن يدفع شركات القطاع العام الكبيرة نحو تضمين الاعتبارات البيئية والاجتماعية ومبادئ الحوكمة الرشيدة في كافة قرارتها.
ترجمه: سامر فاخوري
طالب هندسة صناعية في الجامعة الأردنية، مهتم بمجال التنمية المستدامة وطرق دمج النهج الهندسي مع تطبيقات التنمية المستدامة في الواقع العملي. شارك في العديد من مشاريع المنظمات غير الحكومية المحلية والعالمية إيمانا بضرورة خلق بيئة مستدامة لجميع مواطني الأرض. يشارك حاليا في مشروع التخرج الذي يتطرق الى قضية الأمن الغذائي في العالم وطرق جديدة عصرية للوصول الى أحقية توفر الغذاء لجميع سكان الأرض.
Note: This article was originally published in English by egomonk on egomonk insights. The curator and host of this series is Ruba Al Zu’bi