مع ازدياد تواتر فترات الجفاف في تونس ، لجأ عدد من المزارعين التونسيين إلى طرق تمكنهم من التأقلم مع ضعف المحاصيل و تجنب استنزاف الموارد المائية. و أستطاع المزارع محمد منصف حمدوني الذي يقطن بمحافظة سيدي بوزيد غراسة نباتات “المورينجا و الكينوا و السيسبانيا” بعد أن أصبحت موجة الجفاف ، التي تضرب تونس للعام الثالث على التوالي ، تمثّل تهديدا لمحصوله.
وأفاد في تصريح لإيكومينا أنه انطلق في تجربة زراعة نبتة “المورينجا” منذ حوالي سنتين ونصف “مبديا انبهاره بالنتائج المشجعة التي حقّقها خصوصا مع سرعة نموها و انخفاض تكلفتها .
و تابع حمدوني ، الذي يشغل كذلك منصب رئيس اتحاد النقابات الزراعية بسيدي بوزيد ، استعداده التام للإحاطة بالمزارعين في مختلف محافظات البلاد لتعميم تجربة غراسة نبتة “الكينوا”.
و تواجه 75 % من الأراضي التونسيّة خطر التصحّر، تبدو أكثرها حدّة في محافظة تطاوين التي تبلغ نسبة الصحراء فيها أكثر من 90 % ، وهو ما دفع المزارع محمد حرّار إلى غراسة بذور مورينجا استقدمها من الهند.
وأشار حرار لمراسل لإيكومينا أنّ ” نبتة المورينجا قادرة على التكيّف مع مختلف الظروف المناخية فضلا عن كونها من أسرع النباتات نمواً في العالم، إذ يصل ارتفاعها إلى أكثر من مترين في أقل من شهرين.”
وساهم نجاح هاتين التجربتين في ارتفاع الإقبال على زراعة هذه الأصناف الجديدة رغم صعوبة استصدار تراخيص لاستيراد بذورها.
و لكن عددا من الخبراء في الشأن البيئي يحذّرون من تأثير هذا التوجّه على جودة المحاصيل المحلية.
و أكد الخبير البيئي حمدي حشاد في تصريح للإيكومينا أن هذه المبادرات الفردية تمثل رد فعل طبيعي للتأقلم مع التغيرات المناخية التي تمس القطاع الزراعي ، إلا أنّ جلب البذور من الخارج رغم مساهمته في إثراء التنوع النباتي سيؤثر سلبا على الموروث الجيني التونسي.”
مضيفا أنّ التنوّع الإيكولوجي في تونس سيشهد تغيرات جوهريّة بسبب تداعيات التغيّرات المناخيّة ستختفي بموجبها أصناف نباتية عديدة.
خطر التغيّرات المناخيّة
تمثّل التغيرات المناخية واحدة من القضايا المحورية التي يتعين على تونس معالجتها خلال السنوات القادمة، لا سيما وأن معظم الدراسات الدولية قد أشارت إلى أنّ دول جنوب البحر الأبيض المتوسط من أشد مناطق العالم هشاشة حيال الانعكاسات المتوقعة لهذه الظاهرة.
و تقف تونس اليوم في مواجهة جملة من التحديات أهمها انخفاض الموارد المائية بنسبة 28 بالمائة مع حلول سنة 2030 و تراجع المياه السطحية بنسبة 50 بالمائة اضافة الى تقلص مساهمة الانتاج الزراعي في الناتج الداخلي الخام بـ22.5 بالمائة و تدني الانتاج الفلاحي بـ52 بالمائة ، حسب بيانات رسمية لوزارة البيئة التونسيّة.
و أظهرت بعض الدراسات التي تم إعدادها في تونس، بالتعاون مع البنك الدولي و ”برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ” أن كلفة أضرار التغيرات المناخية على القطاع الزراعي في تونس قد قدرت ( في 2012) بما يناهز 3 إلى 3.9 مليار دينار إلى حدود سنة 2030 مع انخفاض النمو الزراعي بنسبة تتراوح بين 0.3 و1.1 بالمائة سنويا إلى حدود سنة 2030.
و على الرغم من التقدّم الذي أُحرِز في تونس في السنوات الأخيرة، جعلت الأزمات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الحكومات التونسية المتعاقبة عاجزة عن تطبيق مقاربة شاملة لسياسة التكيّف.
و يعتبر ملاحظون أنّ النجاح في دسترة الحق في بيئة سليمة في تونس لم تقابلها خطوات جديّة على طريق الاستجابة إلى أهداف الألفية للأمم المتحدة في ما يتعلق بالمناخ.
Pingback: السيناريوهات الزراعية في منطقة الشرق الأوسط