لقد أدى ارتفاع معدل النمو السكاني والتوسع العمراني والازدهار الاقتصادي في الشرق الأوسط إلى تسريع معدلات الاستهلاك وزيادة معدل إنتاج النفايات بجميع أنواع؛ حيث تحتل كل من البحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت المراتب العشر الأولى في العالم من حيث نصيب الفرد من توليد النفايات الصلبة. وقد تعدت كمية توليد النفايات الصلبة الإجمالية في دول الشرق الأوسط 150 مليون طن سنوياً. أصبح خفض حجم وكتلة النفايات قضية حاسمة نظراً لمحدودية توفر مواقع التخلص من النفايات. هنالك، ولا شك، حاجة واضحة للحد وإعادة استخدام وإعادة تدوير النفايات، ولكن في اللآونة الأخيرة، بدأت عملية تحويل النفايات إلى وقود تكتسب أهمية كوسيلة بديلة لإدارة النفايات.
يتم التخلص من الغالبية العظمى من النفايات في الحقول المفتوحة والمكبات التي تتسبب في انبعاث غاز الميثان والذي يساهم في ظاهرة الدفيئة العالمية، حيث أن أثر كل طن واحد من الميثان يساوي عشرين ضعف أثر طن واحد من ثاني أكسيد الكربون. فلذلك تتجه الدول إلى تقليص المكبات وإعادة استخدام جميع النفايات بطريقة أو بأخرى، منها التدوير والوقد والزبل العضوي بحيث لا يتبقى شيء لملء المكبات.
يعتقد العديد أن الممارسة الأفضل في استخدام الوقود أو الغاز هو إنتاج الكهرباء، ولكن ذلك غير صحيح لأن إنتاج الكهرباء عادة ما يتم بكفاءة 40-50% و يعتبرالباقي فاقداً حرارياً. أما الفائدة الكبرى هي في استخدامات الوقود المشتق من النفايات، والذي يمكن حرقه بطريقة بيئية حيث يتم استغلال جميع السعرات الحرارية بأفضل كفاءة ممكنة.
يستخدم الوقود المشتق من النفايات في مصدر المنشأ لأنه متاح بسهولة ليتم استعماله في تغطية احتياجات الحرارة والطاقة. ويستمد معظم هذا الوقود من عملية الإنتاج في الموقع ويستخدم بتكلفة قليلة أو معدومة، وبذلك يخفض تكاليف الوقود الإجمالية حيث أنه يستبدل الوقود الأحفوري. يقلل استعمال وقود النفايات الصلبة أيضاً من حجم النفايات اللازم التخلص منها، ويخفض من تكلفة التخلص على المصنعين.
تستخدم صناعات الخشب والورق والمواد الكيميائية والنفط ومنتجات الفحم والبلاستيك والإسمنت كلها الوقود المستخرج من النفايات، بما فيها الزيوت والقطران ونفايات الورق، وأي شيء آخر يمكن استخدامه لتوفير الحرارة والكهرباء في المنشأة الصناعية. على سبيل المثال، يستخدم في صناعة الأسمنت مجموعة متنوعة من النفايات لتوفير الحرارة للأفران، بما في ذلك الإطارات القديمة، والنفايات البلدية الصلبة، والأقمشة الخردة، والدهانات، والأحبار، والمواد المتعارف عليها بـ RDF–.Refuse Derived Fuel وقود (RDF) هو الوقود الذي ينتج عن عملية تمزيق وتجفيف النفايات الصلبة، ويتكون إلى حد كبير من مكونات قابلة للاحتراق مثل البلاستيك والنفايات القابلة للتحلل.
أما بالنسبة للنفايات البلاستيكية، فإنها تشكل تحدياً بيئياً هاماً في الشرق الأوسط، حيث أنها في تزايد مستمر بسبب استخدامها في شتى مجالات الحياة واعتمادنا عليها اعتماداً كلياً في الصتاعات المختلفة وتكنولوجياتها الحديثة المتقدمة. إن منطقة الشرق الأوسط مسؤولة عن حوالي 8% من الإنتاج العالمي من البلاستيك، علماً بأنه يتم تدوير حوالي 25% فقط من إجمالي كمية نفايات المواد البلاستيكية عالمياً. ومن الجدير بالذكر أن بعض النفايات البلاستيكية لا ينتهي بها الأمر في المكبات، بل تجد طريقها إلى الشواطئ والبحار حيث تلحق أضراراً جسيمة بالحياة البحرية.
نظراً للاهتمام العالمي المتزايد بالبيئة ، لقد لجأ كثير من الباحثين في مختلف دول العالم إلى تحويل النفايات البلاستيكية إلى زيت بترول مرة أخرى، واستخراج الجازولين والكيروسين والزيوت البترولية منه واستعمالها كوقود لإدارة المحركات، وذلك من خلال عمليات التحلل الحراري للنفايات البلاستيكية. ولقد اهتمت اليابان بتلك التقنية، وكذلك الهند، والصين، وكوريا، ودول شمال شرق آسيا.
لم يعد تخليص العالم من النفايات ضرباً من ضروب الخيال، فبفضل تطور البحث العلمي والتكنولوجيات، أصبح بإمكاننا الاستفادة من النفايات بدلاً من التخلص منها في المكبات التي ما زالت في توسع مستمر. ونظراً لتمتع منطقة الشرق الأوسط بموارد غنية من الكتلة الحيوية والتي تتضمن النفايات البلدية الصلبة ومخلفات المحاصيل والنفايات الزراعية والصناعية، فإنها تشكل سوقاً محتملاً لتحويل النفايات إلى وقود. إن المواد التي كانت تعتبر قمامة لا تزال توفر ما بعد انتهاء عمرها المفيد موارد طاقة قيمة، قادرة على حل مشاكل متعددة في آن واحد، فمن كان يعلم أن القمامة يمكن أن تتحول إلى كنز؟